لعلها حجة ليس أكثر سنحت ليا الفرصة أن أكتب فيها عن الشيخ حمدى الزامل في أجواء مليئة بالشحونات دون سبب مقنع، فلعلها دولة التلاوة هي من أشجبت تلك العدواة البائسة في مجتمع ضاع فيه ذوق المستمع الواعي، ليضيع معه أيضا دولة المقرئين، اللهم إنها حالات فردية هي من تقارب رائحة الأمل.
ورغم أن عودة دولة التلاوة كما كانت قبل نصف قرن من الزمان أصبح شئ مستحيل فقد نمني أنفسنا بتلك الأسماء الشبابية التي تعانق الأن أسماع المحبين، ورغم أنني لا أريد أن أذكر أسماء من هم علي الساحة الأن ممن يستحقون التقدير ولو بشئ بسيط حتي لا يكون عداء بين بعضهم بعضا .
نعود مرة أخري إلي موضوع الشيخ حمدي الزامل، أولا ما هو تعريف الشيخ الزامل؟ هو قارئ من الرعيل الثاني ولولا المرحلة العمرية لكان من الرعيل الأول، فقد تميز الشيخ حمدي الزامل بعدة مواهب حيث أعطاه الله صوت كالحرير يطوعه كيف يشاء في محاكاة كبار المقرئين، غير أنه وضع بصمته الفريدة ليسجل اسمه في سجل المميزين، فأبت دولة التلاوة إلا أن يذكر أسمه مقارنة بين الكبار.
تفرد بخامة صوتية لها من الفخامة ما لم تكن لرعيل كبير من ما أتوا بعده، فقد تفرد بخامة صوتية من مجموعة البريتون من الطبقة الثانية تبعد عن الحدة بمسافة كبيرة، وتقترب من الوساطة الطربية دون أن يؤثر فيها النغم قبل أن يخوض الشيخ في التلوين النغمي حتي يطوع النغم لصوته وليس العكس، ليصبح صوته مهمين علي الأداء النغمي منذ اللحظة الأولي، ليقدم عرض رائع ومثال يقتدي به في عالم التلاوة.
ورغم أنه لم يعمرطويلا فقد أثري المكاتب الخاصة من عشاقه بتراث سيظل عالقا في أسماع الزمان قبل أن يفقده المكان وتفقده دولة التلاوة، وتفقد الإذاعة علم كبير قلما يجود الزمان بمثله، رحم الله فضيلة الشيخ المتقن حمدي محمود الزامل وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم من خدمة كتاب الله وإسعاد عشاق التلاوة في مشارق الأرض ومغاربها.