لا أحد يستطيع أن ينكر تلك الموهبة العملاقة بين جمال الصوت وخشوع القلب إنه الشيخ محمد صديق المنشاوي، فخر الصعيد، إحساس يراود تلك القلوب التي شغفها سماع القرآن الكريم ممن يلامس حواسها بصوته الباكي فيؤثرك راغماً عن حب وتدبر لتعيش معه أجمل لحظات حيث الخشوع الرهيب والإحساس العالي، وكأنه يشعرك بأن القيامة ستقوم غداَ فيصور لك المشاهد كما هي وكأنك تعيش تلك اللحظات المرعبة فتعيش بين بكاء ورجاء بين مناجاة ودعاء رب البرايا.
نشأ في بيت القرأن فكان له النصيب الأكبر بين أقران عائلته المشغوفة بكتاب الله ترتيلا، لا سيما أن فضيلة الشيخ المنشاوي كان له باع كبير في دولة التلاوة، فأسلوبه المميز يستطيع يكون علامة تمييز لكل من سمع تلك الصوت الجوهري الذي يعانق القلوب قبل الأذان، فلا تستطيع أن تمكث قليلا دون بكاء إنه القارئ الخاشع محمد صديق المنشاوي.
ويُعد الشيخ المنشاوي من المقرئين القلائل الذين برعوا في تجويد وتزيين القرأن بالقرأت المختلفة، كما آراه من وجهتي الشخصية أفضل من قرأ بحمزة بعد الشيخ مصطفي إسماعيل حيث تقسيم النغم بالسكت الملزم دون تنفس دون أن يحدث خللً في الجواب حتي وإن كرر الجواب مرات ومرات بطرق مختلفة مع الإلتزام بقوانين التلاوة والأحكام، فيكفيه فخراَ أنك إذا استمعت إليه من الوهلة الأولي تقول هذا هوا الشيخ المنشاوي.
ورغم تأثره بمدرسة أبيه الشيخ صديق المنشاوي الكبير والشيخ محمد سلامة إلا أنه قد فرض نفسه ببراعة وجمال علي الساحة القرأنية في أرجاء المعمورة وخارجها، حيث أنه يستطيع أن يقرأ في أي موضع من القرأن، فتلك هي الفراسة حقا، ولعل يحضرني الأن تصويره لمشهد سحرة مع فرعون مع موسي عليه السلام، وكيف كان صعوبة الموقف بين وعد ووعيد، وكيف تحول تلك الجحود لدي السحرة إلي إيمان بعد ما جائهم من الحق إنه القارئ البكاء الشيخ محمد صديق المنشاوي.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقول – رحم الله – ذلك القارئ الخاشع الباكي محمد صديق المنشاوي الذي ملئ الدنيا بجمال صوته وبشعاع الخشوع والتدبر، وتلك لمسة وفاء للشيخ محمد صديق المنشاوي.