لعلنا نتذكر تلك النبرات الجميلة التي تشع نوراً عندما يفيض بها رب البرايا على عبده الجميل طه الفشني بصوت كسلاسل الذهب يزداد بريقها عندما يسترسل في التلاوة بهذا الصوت الرنان، ولا اكون مبالغاً إذا قولت لكم أن الشيخ طه الفشني هو القارئ الوحيد بين صفوف قراء الإذاعة القدماء بضم القاف الذي يتمتع بإعطاء كل جواب أكثر من 5 مقامات صوتية مختلفة، ربما كان يذهب للفروع بعد ركوزه علي المقام الأصل في كل جواب يجذب به فؤاد كل من كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد.
أما عن إمكانياته الصوتية فهي تعتبر من الأشياء المحيرة، وربما الأكثر غرابة لما تحويه تلك من صعوبات في تحليلها بصورة كاملة، ولعل ما ندركه فقط بعد المساحة الصوتية الهائلة التي تتسع بعرض كل جواب متفرق بين الطبقة الوسطيه تارة والطبقة العُليا من الصوت تارة أخرى، ليستحوذ الشيخ على الفترة الزمنية للتلاوة وإن طالت بأسلوب راقي دون نشاز او تقصير صوتي.
أما عن خامته الصوتية فهو ينتمي للمجموعة البرتون من الصف الأول خفيف الغلظة، لا يحتاج إلى فترات طويلة في التلاوة كى تظهر ملامح صوته الفريدة ليصبح الشيخ طه الفشني أحد رواد المجال القرأنى وكذلك الإنشاد أيضاً، أما عن أسلوبه الإنشادي فهو يحتاج كثيراً من الوقت كى تشرح فيه العبقرية الزائدة التى تخطت كل ألوان وفنون النغم.
فربما وإن استمعت إليه مرة أو مرتين جذبك من أول لحظة لسماعه عن حب وشغف مرات عديدة، ورغم تأثره بالشيخ على محمود فقد أرى من وجهتي الشخصية أنه أضاف الكثير، ولم يكتفى بمدرسة الشيخ على ليضع بصمته الخاصة بأسلوب شديد الجمال يبهر به كل من أنصت اإليه سواء كل سميعة الجيل الأول أو الثاني أو الحديث، ومن العجيب أن مدرسة الشيخ طه الفشنى لا تعرف لها أصول فهو من أوائل قراء الإذاعة من حيث الإرتجال الفني والموسيقى،،، رحم الله الشيخ طه الفشني وأسكنه فسيح جناته.