تعيد الحرب في أوكرانيا صياغة البيئة الأمنية في أوروبا ما يعني ظهور تحالفات وتكتلات أمنية داخل منطقة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، بعدما أثبت حلف الناتو أن دينامية استجابته للتقدم الروسي في أوكرانيا بطيئة وقد لا تلبي المطالب الأمنية لدول الجناح الشرقي. ولهذا ظهر مثلث فيمار مرة أخري للواجهة.
وتسائل الكثير عن ما هو مثلث فيمار، هو عبارة عن قمة ثلاثية بين ألمانيا وفرنسا وبولندا، تُعقد على مختلف المستويات الحكومية.
جري تدشينه في العام 1991 بمبادرة من وزير الخارجية الألماني السابق هانز ديتريش.
يهدف بالأساس إلى التعامل مع الوضع الأمني بعد انهيار حلف وارسو وإلحاق بولندا بالبيئة الأوروبية السياسية والأمنية.
آخر اجتماع لهذا المثلث كان في باريس، يونيو 2023، حينها كان قادة المثلث يعولون على الهجوم المضاد الأوكراني الذي فشل الآن فشلا ذريعا.
اليوم الجمعة تستضيف برلين قمة مثلث فيمار، وعلى الطاولة ملفات الحرب الروسية الأوكرانية التى أصبحت معاركها تميل لصالح روسيا.
وتعد هذه النسخة من القمة مهمة للغاية، لأن الدعم الأمريكي لأوكرانيا مازال معطلا بحزمة مساعدات قيمتها 60 مليار دولار، ما يعني أن أوروبا يجب أن تزاول دورا كبيرا لإنعاش القوات الأوكرانية التى باتت تتكبد خسائر فادحة في حوض الدونباس.
كما هناك خلافات كبيرة بين دول المثلث، ألمانيا وفرنسا على سبيل المثال.. الخلافات تدور على الدور المتزعم الذي تحاول فرنسا ممارسته في أوروبا على حساب ألمانيا. فيما تنظر ألمانيا لفرنسا على أنها لا تفي بالتزاماتها في الحرب الأوكرانية.. فألمانيا تحتل المرتبة الثانية ضمن الدول التى ترسل مساعدات عسكرية ومالية لأوكرانيا، قد وصلت قيمتها حتى الآن لـ 18 مليار يورو.
فيما تتذيل فرنسا قائمة الدول التى ترسل مساعدات لأوكرانيا، ولم تقدم حتى الآن أسلحة نوعية قادرة على تغيير مجريات المعركة تكتيكيا.
وتريد فرنسا قيادة مباردة أوروبية لإرسال قوات إلى أوكرانيا فيما ترفض ألمانيا ذلك.
وتشعر ألمانيا وبولندا أنهما حاجز أمام روسيا بعد أوكرانيا، وعليه تتخذ خطوات أكثر حذرا.. بولندا وقعت أضخم صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة وتريد أن تكون أقوى جيوش أوروبا.. وألمانيا لا تريد رفع سقف المواجهة العسكرية مع روسيا، أما فرنسا فتريد تفعيل مبادرات الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا، بعيدا عن الناتو والولايات المتحدة.