جميع المصريين وعلى رأسهم كبار السميعة يترقب جدول إذاعة القرأن الكريم الخاص بترتيب المقارئ لقرأن المغرب، وللأسف الشديد خلال السنوات الماضية تم تجاوز الشيخان الكبيران على محمود ومحمد رفعت، كأول يوم في شهر رمضان اعتدنا فيه سماعهما، وبالأخص الشيخ رفعت، وذلك نظرا لكبر سنهما ليس ذلك فقط ولأنهما المؤسسين لدولة التلاوة وإذاعة القرأن الكريم.
وهنا نطلب من الدكتور رضا عبدالسلام رئيس إذاعة القرآن الكريم، وإلي القائمين على الأمر، تنظيم تلاوات قرآن المغرب هذا العام حسب المرحلة العمرية بضم العين، ولا اجد في ذلك الأمر صعوبة أو مستحيل ولا يوجد شئ يسمى إنها عادة أن الإذاعة تذيع أول يوم لشيخ معين أقل سنٓ من رفعت وعلى محمود
بداية من أول يوم وهم المقارئ كالآتي: “على محمود، ومحمد رفعت، الشعشاعي الكبير، طه الفشني، عبدالعظيم زاهر، ومصطفي إسماعيل، ومحمود خليل الحصرى، ومحمد صديق المنشاوي، وكامل يوسف البهتيمي، وأبو العينين شعيشع، ومحمود على البنا، وعبد الباسط عبد الصمد”، وباقي المقرئين في بقية الشهر حسب تواريخ ميلادهم أو التحاقهم بالإذاعة.
شيخ المقرئين رفعت
لماذا نبدأ جدول رمضان بشيخ المقرئين رفعت؟.. لا أحد يستطيع أن يجزم أن مزيكة بيتهوفن وموزارت كانتا هما المسيطران على الشخصية الفنية للشيخ رفعت، خصوصًا بعدما أجاد الشيخ بثراء الأُذن الموسيقية لدى أعمدة الفن القديم على أرض المحروسة وخارجها والتى أرى فيها شخصية الشيخ رفعت الفنية من وجهتين لا ثالث لهما.
الوجهة الاولى: تتمثل في المدد الرباني والوحي الفطري، وهنا لا نستطيع الوقوف على النظريات الفنية لأنها خارج نطاق التحليل.
أما الوجهة الثانية: والتي أرى فيها الشخصية الفنية للشيخ رفعت في عدة محاور
بداية من أحكام التلاوة والتجويد الصحيح دون خلل في أي شيئ منهما، ذهابًا إلى مخارج الحروف بصورة أكثر اتقانًا عن باقي أقران جيله وصولاً بالأداء الفني النادر في عالم التلاوة، وهنا لابد أن نقف طويلاً ويقف معنا عامل الزمن؛ فالمعطيات النظرية لا تستطيع حل لغز أداء الشيخ رفعت الكلاسيكي بصورة كاملة، لذا يبدوا أن الموضوع يثير جدلاً واسعًا من حيث التعبير الاجتهادي واختلاف الروايات التحليلية خصوصًا إذا علمنا إن هذه الخامة الصوتية العجيبة تتكون من طرازي التينور بصفة الحدة والبريتون بدرجة واحدة تميل إلى خفيف من العلظة اثناء مثول صوته إلى أدنى طبقات القرار؛ ليقدم صوت الشيخ رفعت عروض فنيّة هائلة تفوق الخيال العلمي من جميع الاتجاهات النغمية والصوتية، ليضع خبراء الأصوات والنغم في مأذق الصفة التحليلية من حيث التحقيق، خصوصًا وإنه ليس لديه قاعدة نغمية ثابته ولا ترتيب نغمي مفصل، بحيث يضع صوته المليئ بالورع الخريطة النغمية لكل تلاوة في لحظتها وبما يتناسب مع البيان القرآني دون خلل في أي منهما.
وإذا ذهبنا إلى الأكاديمية النغمية من حيث المقامات الموسيقية المستخدمة في أسلوب تلاواته العجيبة، فسوف نجد ما يبهر به خيالنا من تصنيف مقامي ليس بالضرورة أن يكون أصل، فربما كان جنس مقامي من الطراز الأول..
ومن هذه الأمثلة الواقعية عندما يستهل الشيخ مسيرته الفنية بمقام البياتي أو الحجاز؛ فتجده يستهل بفرع مثل النوى أثر، أو الحسيني، الذي يطرب السميعة بصورة مدهشة في بدايات الاستهلال المقامي، كذالك أيضًا مقام الحجاز الأصل ومشتقاته الفنية برسم خيالي ممتع للغاية، وذلك بعدما يقدم الشيخ كافة الأنماط المختلفة من الفن بإستخدام فرع أو اثنين ولعل أشهرهم الزنجران والحجاز كار.
أما المثير عجبًا هو تطرقه لمقام البستنكار وهو فرع ربط بين مقامي: السيكا، والصبا، وهم متضادان من الناحية السمعية بصورة واضحة وضوح الشمس.
ومما يزيد الأمر عجبًا وصول الشيخ رفعت لمقامات اخرى من الجهة الفرعية، مثل المقام النادر الذي يطلق عليه علماء النغم؛ طرز جديد وهو مشتق من العجم كما يسبق الركب في الأجناس الأخرى من مقامي الراست، والصبا، بمقام فرع يطلق عليه دلانشين ومقامات أخرى لم يتطرق لها أهل الفن على مدار العصور السابقة، ليصبح الشيخ محمد رفعت حالة خاصة تؤخذ منها كل حجة فنية ومرجع للنغم الأصلي وكذالك المستعار.
رحم الله فضيلة العلامة الشيخ محمد رفعت وجزاه عنا خير الجزاء لما قدمه من أسعاد ومتعه لجماهير المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.