مما لا شك فيه أن العدالة الناجزة فيها العلاج للأمراض المجتمعية المتفرقة التي تخلقها الجريمة ، وخاصة في جرائم الدم التي تترك أثراً عميقاً يصعب علاجه إلا بالقصاص العادل من محكمة حازمة .
ومن المؤكد أن بطء التقاضي يزيد من هذه الأمراض ويؤججها ، ويزيد الفجوة بين الضحايا والنظام القانوني ، مما يهدد بخلق الكثير من المشكلات .
في حين أن في سرعة الحكم علي الجاني بالعقاب العادل راحة للمجتمع ككل ، ولأهل الضحايا علي وجه الخصوص ، الذين يسبب لهم التأخر في انجاز العدالة الشعور بالظلم والغبن ، مما يدفعهم إلى الحقد على المجتمع وكراهيته .
ومن جهة آخري يؤدي التأخر في الحكم علي الجاني إلي عدم احترام النظام القانوني ككل، ويكون ذلك سبباً قوياً لانهيار الأمن المجتمعي بكافة أركانه .
فالحكم السريع في الجناية يشفي الصدور ، ويحد من الضغائن ، ويقلل من الكراهية التي يطول الكلام عنها بعد وقوع أي الجريمة ، والذى ينال بأضراره جميع الأطراف في كل الأحوال طوال مدة التقاضي ، فيكون كفيلاً بردء الصدع إلي حد ما .
ومن ثم يمنع ذلك من الانتقام الشخصي الذي يظهر عند المماطلة في إجراءات التقاضي ، أو ما يسمي بالقصاص الشعبي حيث يحاول البعض أخذ حقه بيده وإن لم يستطع فغالبا ما يستعين بـأحد الأشخاص الخارجين عن القانون للإنتقام ، وإعادة الحق المسلوب .
وإلي جانب هذه الضرورات الخاصة التي تحققها العدالة الناجزة ، فهناك أيضاً ضرورات عامة ، تمثلت في تحقيق الردع العام ، والتخويف العام من الاقتراب من ارتكاب الجريمة ، فمن كان منذ ساعات يختال فخوراً بجريمته ، سرعان ما أظهر الحسرة والندم علي ما اقترفت يداه من إثم ، وكل ذلك خلال ساعات وفي مشهد واحد لم يغب عن الذهن بكل أحداثه المتناقضة .
ولا شك أن ذلك فيه عبرة لمن تسول له نفسه التفكير في ارتكاب أي فعل دون أن يفكر في عواقبه بكل تدبر وتفكر ، حيث ينظر إلي المصير الذي ينتظره فيراه متجسماً أمامه في صورة عقاب شديد وهو ما يجعله يكف عن اقتراف أي نوع من الجرائم .
ومن مظاهر الردع العام الذي تحققه العدالة الناجزة أيضاً هو إعادة التوازن الذي تخل به الجريمة ، حيث تتسبب في زعزعة الإستقرار ، واضطراب الأمن والأمان ، وإشاعة الرعب والخوف بين أفراد المجتمع ، وبمجرد الحكم علي الجاني يستعاد كل ذلك بكل عناصره .
ومن ثم تكون العدالة الناجزة علاج سريع للتجرؤ علي الإجرام ، كما إنها علاج لظاهرة الانتقام الشخصي الذي يكون لا مبرر له في ظل الحصول علي الحق ، كما أن تحقق العدالة الناجزة يعيد الطمأنينة والأمن المجتمعي الذي تغيبه الجريمة ، مما يقلل الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع .