(والله مكنتش أعرف) عبارة لا يعتد بها عند ارتكاب الجريمة، فالقاعدة أنه لا يجوز للشخص التعلل بعدم معرفته بالقانون ، فالعلم بأحكام القانــــون الجنائي مفترض ؛ حتي لا يفلت أي شــــخص من العقاب بحجة أنه (ماكانش يعرف) !!..
ولكن في مجتمع تكثر فيه الأمية ، وتندر فيه الثقافة القانونية ، هلا يتدخل فقهاء القانون الجنائي لحث المشرع علي الحد من صرامة هذه القاعدة و التخفيف من حدتها ؟؟ .
وخصوصاً في ظل إصدار ترسانة من القوانين العقابية المتشابكة ، والمتشعبة ، والمتنوعة بصورة يصعب علي رجال القانون أنفسهم الإلمام بها ، فيقع الملايين من المواطنين في أزمة الجهل بالقانون ؛ لأنهم لا يعلمون أن هذا الأمر أصبح جُرماَ يعاقب عليه القانون ، أو أن الجريمة أصبحت عقوبتها أشد، ويأتي ذلك في وقت قصير وسريع ليطبق علي شعب نسبة عاليه منه لا تفك الخط ، ومن يفك الخط لا يقرأ ، ….
أهمية قاعدة لا يعذر أحد بجهله بالقـانون:
=======================
صحيح أن هذه القاعدة مهمة وخطيرة ، فالجهل بـالقانون لا يعتبر عذراً للإعفاء من تطبيقه ، وافتراض العلم بالقاعدة القانونية قاعدة موضوعية لا يجوز مخالفتها وهي مبنية على اعتبارات العدالة والمساواة بين الأفراد أمام القانون، فاعتبارات العدالة والمساواة تقتضي ألا يفتح الباب أمام الاعتذار بجهل القانون، وإلا سادت الفوضى وفتح الباب للتحايل للهروب من تطبيق القاعدة القانونية ، لذلك نسلم بتطبيق هذه القاعدة بكل صرامة في مجال الجرائم التقليدية .
الحد من صرامة القاعدة :
==========
ولكن يمكن الحد من صرامتها في مجال الجرائم التنظيمية ، فاستثناء من هذه القاعدة يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون بصفة عامة في حالة استحالة العلم بالقانون لوجود قوة قاهرة تحول دون وصول الجريدة الرسمية إلى إحدى المناطق بسبب فيضان أو حرب أو ثورة بحيث يستحيل أن تصل الجريدة الرسمية إلى هذا المكان، حيث أنه إذا ما تم نشر التشريع بالجريدة الرسمية ودخل حيز التنفيذ، قامت قرينة قانونية على علم الأفراد به، ولا يجوز بحسب الأصل إثبات عكس هذه القرينة .
الاستثناء علي القاعدة :
===============
فهل يمكن أن نوسع من إستثناءات هذه القاعدة في مجال الجرائم التنظيمية ، فنضيف عذرعدم القراءة والكتابة ؟؟ ، فالأمي الذي لا يقدر علي القراءة ، ولا علي الكتابة ، يعذر بجهله بقوانين البناء وتراخيص المحال العامة ، والمرور ، والسير ، والتصوير في أماكن معينة ، وعدم ارتداء الكمامات ؟؟ .
وهل يمكن أن نضيف إلي هذا الإستثناء من كان غائب عن الوطن أثناء إصدار القانون و لمدة زمنية طويلة ، وعاد إلي وطنه فيعذر بعدم علمه بالقانون لغيابه ؟؟ .