ما أثير حول تبرك بعض الأهالي البسطاء بمياه الصرف الصحي لأحد المساجد، بزعم الشفاء من الأمراض الجلدية، فيضع المصاب مياه الصرف الصحي على المنطقة المصابة بالجسد بغرض الشفاء ، فمن يروج لهذه الأفكار ، ويشجع البسطاء علي الاقتناع بها ، وتعاطيها والتصرف علي أساسها ؛ فإنه يعد مرتكباً لجريمة ازدراء الدين .
فالتبرك بمياه الصرف الصحي ما هي إلا فكرة خرافية بل هي فكرة متطرفة ؛ لأن مياه الصرف الصحي تسبب مرض الفشل الكلوي إذا تناولها الإنسان، وتسبب العديد من الأمراض الجلدية في حالة الغسل بها على أي منطقة في الجسد، ومن ثم يكون التبرك بمياه الصرف الصحي مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية.
وفي الحقيقة فإن الترويج لهذا الفعل المزري يمثل جريمة ازدراء الدين ، حيث تنص المادة 98 فقرة ( و ) من قانون العقوبات علي إنه :- ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد …… ، أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها ، ……. ”
وحيث إن النص سالف الذكر لم يحدد مفهوم الأفكار المتطرفة التي هي وسيلة الجاني في استغلال الدين عن طريق ترويجها بالقول أو الكتابة أو بأي وسيلة أخري .
كما أن القانون الجنائي لم يرد به تعريفاً أو تحديداً لمعني الفكر المتطرف أو متي يصبح الفكر متطرفاً ؛ الأمر الذي لا ملاذ معه سوي الرجوع إلي القواعد العامة في التشريع ككل والتي ستوضح أن التطرف الديني يعني الحياد عن الحق ، والانحراف نحو الباطل .
و لا شك أن الترويج لفكرة التطهر بماء المجاري الخاصة بمسجد معين فيه إهانة للأهالي البسطاء، وإزدراء لهم وتحقير لإنسانيتهم .
واغتنم الفرصة للقول بأن الحديث عن استغلال الدين يكون لغواً إذا لم نقف علي تعلم قواعد هذا الدين وأصوله وحدوده ، و يكون عملنا مجرد لهواً إذا كنا كالعاطلين المقصرين حتي في فهم أحكامه وتدبر قواعده ، و إذا تركنا المجال لبعض المرتزقة لخطف الدين وجعله مطية لأمانيهم و لأحلامهم الصغيرة ، فيطلقون باسم الدين الأفكار المتطرفة الغريبة التي لا تمت للدين بأي صلة أو رابطة .
فجهلنا بقواعد الدين يمنح الفرصة لمستغلي الدين –سواء بقصد أو عن جهل – بالتلاعب في فكرنا ومعتقداتنا ، وبالتالي في التأثير في سلوكياتنا ، وما أكثر مستغلي الدين في الوقت الحاضر ما بين متشدد ، وما بين ناكر ، فقد تُركت الساحة فارغة لمن يطلق عليهم مفكرين فيستغلون ذلك في بذر بذور الأفكار المنحرفة ، والنيل من الدين في شكل التصرفات المشينة .
حيث تصُدر هذه الأفكار بما يخالف القيم الروحية والاخلاقية والحضارية لهذا الدين ؛ لأنها تخالف المنطق والتفكير السليم، بما يكون له تأثير سلبي علي كل المستويات ، حيث تؤدي إلى ضرب و زعزعة الفكر الصحيح ، والأحكام السليمة ، حيث أن هذه الأفكار الغريبة كانت دائماً وبالاً علي البلاد .