الذوق العام هو مجموعة الآداب والسلوكيات الاجتماعية التي تنضوي تحت إطار اللياقة التي تفرضها الثقافة العامة وفقاً للزمان والمكان ومقتضي الحال .
ومنبع الذوق العام يأتي من الثقافة الإنسانية التي اتفق الناس علي رقُيها، والسلوكيات المتعارف علي حُسنها، والتي تُعد نتاج تراكمات حضارية متوارثة للشعوب منذ القدم .
وهذه الذوقيات والآداب يجدر تعزيز احترامها ، وفرض الإلتزام بمراعاتها علي الكافة للحد من مظاهر انتهاكها والإساءة إليها ، فيتم منع كل ما من شأنه المساس بالذوق العام والتقليل من التعدي علي الثقافة والتقاليد المصرية أو تشويهها .
ولم تُعد فكرة الذوق العام فكرة فضفاضة أو مطاطة كما يعتقد البعض ، وإنما أصبحت فكرة واضحة ومحكمة ،وخاصة إذا تم تقنينها ، فقد برز في الأونة الأخيرة بعض السلوكيات التي يجمع الكافة علي انتهاكها لكل القيم والأذواق .
وتأخذ مظاهر انتهاك الذوق العام عدة أشكال ومنها على سبيل المثال لا الحصر إقامة الأفراح في الشوارع ، ورفع أصوات الموسيقى في المناطق السكنية، وتشغيل مكبرات الصوت دون مراعاة لأحوال المرضي أو الطلبة الذين في أمس الحاجة للهدوء .
ومن مظاهر انتهاك الذوق العام أيضاً رفع الصوت بالفاظ نابية وغير مناسبة علي مرأي من الناس، أو إصدار أي فعل في الأماكن العامة ، قد يؤدي للإضرار بالمتواجدين أو إحراجهم ، كما يشمل انتهاك الذوق العام أيضاً المخالفات والسلوكيات الخادشة للحياء والتي تتضمن تصرفات وإيحاءات ذات طبيعة جنسية في محفل من الجمهور .
ومن مظاهر انتهاك الذوق العام أيضاً تشويه المظهر العام بالكتابة أو الرسم على الجدران ما لم يكن مرخصا بذلك، ووضع الملصقات وتوزيع المنشورات التجارية في الأماكن العامة دون ترخيص .
ومن ذلك أيضاً استخدام الإضاءات المؤذية كالليزر وما في حكمه، ومنها أيضاً إشعال النار في الحدائق والأماكن العامة لحرق المخلفات في غير الأماكن المسموح بها.
وكذلك يعد انتهاكاً للذوق العام تخطي طوابير الانتظار بالأماكن العامة لغير الحالات المستثناة والتي تحددها الجهة المعنية، وكذلك التزاحم بطريقة تنتهك الخصوصية علي ماكينات صرف النقود ، إضافة إلى إشغال المقاعد المخصصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتجاوز الحواجز للدخول إلى الأماكن العامة.
ونشير أيضاً إلي سلوكيات تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم ، وكذلك تصوير الحوادث الجنائية أو المرورية دون الحصول على إذن من أطرافها ، وهو ما يُعد مخالفة من مخالفات الذوق العام تستوجب معاقبة مرتكبوها.
ومن ذلك أيضاً التبول أو التبرز في الطرقات بالرغم من وجود مراحيض عامة ، وإلقاء النفايات والقاذورات في غير الأماكن المخصصة لها.
ومن انتهاكات الذوق العام أيضاً التي يجب تجريمها اصطحاب الحيوانات غير المصرح بها في الأماكن العامة ، وجرها بسلسلة في الشوارع بالرغم من خطورتها علي الأفراد .
ومن هنا جاءت حتمية إصدار قانون لحماية الذوق العام؛ ليُطبق على مرتادي الأماكن العامة، بتنسيق مشترك من وزارة الداخلية والجهات المعنية طبقاً لما يحدده القانون المنشود ، حيث يحدد هذا القانون الجهات المعنية بالتنفيذ ، وكيفية تطبيقه ، ونوع العقوبة المفروضة وفقاً لجسامة المخالفة المرتكبة .
*
ولم يكن قانون حماية الذوق العام بدعة من القوانين ، بل سبقتنا إليه المملكة العربية السعودية حيث أصدرت لائحة الذوق العام بقرار مجلس الوزراء رقم 444 بتاريخ 9/4/2019 ، وتضمنت هذه اللائحة 19 مخالفة يعاقب مرتكبها بغرامات مالية نبدأ من 50 ريالا إلى 3000 ريال سعودي .
ومن هذه المخالفات عدم إزالة مخلفات الحيوانات الأليفة، والبصق في الطريق وإلقاء النفايات في غير الأماكن المخصصة لها، وتجاوز الحواجز للدخول إلى الأماكن العامة، وارتداء الملابس الداخلية وثياب النوم في الأماكن العامة.
وفي الحقيقة فإن المشرع المصري مدعو الأن بقوة للتدخل لحماية الذوق العام ، في ظل تزايد الانتهاكات التي أثرت علي الأذواق ، وغيرت من الأخلاق ، ومن ثم يأتي دور المشرع ليعيد هذه المظاهر إلي جادة الصواب .