أحلى من الشرف مفيش عبارة تتردد كثيرا فما هو الشرف ، ومتي يختل هذ الشرف ؟
الشرف هو الرفعة والسمو ، وحسن السمعة بين الناس ، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال يستحقّ الوقوف عنده وهو :
ما هي الأسباب المخلة بالشرف ؟
والأجابة تشير إلي أسباب كثيرة ، ونقتصر هنا علي سبب قانوني وهو إرتكاب جرائم معينة تخل بالشرف؟
فما هي الجرائم المخلة بالشرف في القانون المصري؟ فهل عرفها المشرع أو ذكرها على سبيل الحصر؟ وما هي تطبيقات المحاكم المصرية فيما يتعلق بهذا النوع من الجرائم؟
في البداية تجدر الإشارة إلى أن قانون العقوبات المصري لم يضع أي تعريف لماهية الجرائم المخلة بالشرف، كما لم يحصرها أو يحددها على وجه الدقة؛ وترك ذلك للفقه والقضاء، فتوسعت الجهة الإدارية في استعمالها كأداة لحرمان المدانين بها من بعض الحقوق، مثل الحرمان من تقلد بعض الوظائف العامة ،و ممارسة بعض المهن ، أو الفصل من الوظائف التي يشغلونها ، وبالتالي، وفي ظل الفراغ التشريعي المشار إليه، أصبح للإدارة سلطة تقديرية واسعة في تقرير إذا كانت أي جريمة تخل بالشرف أم لا.
ولقد أجتهد الفقه في وضع حدود لهذه الجرائم فعرفها بإنها الجرائم التي تنبأ عن أن الشخص يميل إلي اقتراف الكبائر ، ولا يتبع الفضائل ، ما يؤدي إلي احتقاره ويستوجب ازدراءه ولا يؤتمن معها علي المصلحه العامه خشيه أن يضحي بها في سبيل مصلحته الشخصيه ، أو أن يستغل سلطانه لتحقيق مآربه الخاصه، تاثيرا بشهواته و نزواته وسوء سيرته التي يكون الحكم فيها قائم علي أساس عدم الإلتزام ، لأن هذه الجرائم تنتمى إلى ما يعرف فى الفقه الجنائى وعلم الإجرام بالجرائم التى تتنافى بطبيعتها مع الأخلاق والأديان .
وهناك عده جرائم لايختلف الفقه و القضاء حول اعتبارها مخله بالشرف وهي السرقه و التزوير و هتك العرض و النصب و الإحتيال و خيانه الأمانه ، وهذا التعداد علي سبيل المثال لا الحصر .
ولقد حاولت المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها تحديد ماهية الجرائم المخلة بالشرف، فذهبت إلى أنه: “لم يحدد قانون العقوبات أو أي قانون آخر سواه الجرائم المخلة بالشرف والأمانة تحديداً جامعاً مانعاً، كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن، علي أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السير” .
وظهر التباين في تحديد ما إذا كانت جريمة مخلة بالشرف أم لا في حكمين صادرين من المحكمة الإدارية العليا فيما يتعلق بجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد. فقد ذهبت في أحدهما إلى عدم تكييفها كجريمة مُخلة بالشرف، وذلك نظراً للظروف التي تمت فيها الجريمة وما يحيطها من وقائع – حيث أن الشيك محل الجنحة قد صدر ليس من شخص المتهم ولكن صدر بصفته رئيس مجلس إدارة شركة، كما إنه تخالص وسدد القيمة المالية المستحقة – وبناء على ذلك اعتبرت المحكمة في ظل تلك الظروف والملابسات عدم إعتبار الجريمة “مخلة بالشرف”. بينما في حكم آخر اعتبرت المحكمة جريمة إصدار شيك بدون رصيد “جريمة مخلة بالشرف”، وذلك لأن المتهم كان قد أحيل إلى محاكمة جنائية في قضايا أخرى مماثلة لإصداره شيكات بدون رصيد، فاعتبرت المحكمة إعتياد المتهم على هذه الجريمة ينُم عن ضعف في خلق المتهم وسوء سيرته.
كل ما سبق يدلل على غياب تعريف واضح للجريمة المخلة بالشرف، أو أي معايير دقيقة للقياس عليها، وبالتالي، فإن الأمر يخضع فقط للسلطة التقديرية للقاضي الإداري وما يراه من ظروف ووقائع محيطة بكل حالة علي حدة..