لا شك أن صلاة قيام الليل هي شرف المؤمن وعزه فهو إثبات حبه لله – تعالى وإخلاصه له، وإيمانه به ، فيجازيه الله ويرفع مكانته ومنزلته، وهي من الأعمال التي يمتحن بها إخلاص العبد لربة فلا منافق يقوم الليل , وهي أحد الأعمال التي تميزت بها الأمة الإسلامية وتربى عليها جيل الصحابة الأُول فقد فرض عليهم قيام الليل بداية الدعوة مدة سنة كاملة.
وعلى الرغم من أنّ الله – تعالى- رفع عنهم وجوبه، إلّا أنهم استمروا يقومون به، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يحذر من تركه فقال موصياً عمر بن العاص – رضي الله عنه: “يَا عَبْدَ اللهِ، لا تَكُنْ بمِثْلِ فُلَانٍ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ”، كما تعد من الفضائل التي يستحق أن يغبط عليها المسلم قال – صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن جبريل -عليه السلام-: (شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ) وهي من أفضل العبادات التي تعود على العبد بالنفع في دنياه، وآخرته.
وهناك العديد من النصوص الشرعية التي تحث على قيام الليل وتدعو إليه في الكتاب والسنة النبوية، فقد أمر به الله – تعالى- نبيه – عليه الصلاة والسلام- فقال: “وَمِنَ الْلّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لّكَ عَسَىَ أَن يَبْعَثَكَ رَبّكَ مَقَاماً مّحْمُودا”.
كيفية أداء صلاة قيام الليل
تصلى صلاة قيام الليل ركعتين ركعتين، والوتر بركعة في آخرها، ويجوز صلاتها مرة واحدة ، أو صلاة بعضها في أول الليل ثُم القيام في آخره وقد ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء من مالكية، وشافعية، وحنابلة، وغيرهم من العلماء ومما يدل على هذه الكيفية والصفة، قول النبي – عليه الصلاة والسلام- عندما سأله رجل عن كيفية قيام الليل؛ فقال له: “مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى”.
فضل قيام الثُّلث الأخير من الليل
قيام الليل فيه خير وفضل للمؤمن في أي وقت من أوقات الليل، إلّا أن الثلث الأخير من الليل هو أفضل الأوقات وأشرفها حيث يتجلى الله – سبحانه وتعالى- في هذا الوقت على السماء الدنيا ؛ حيث قال رسول الله صلي الله علية وسلم “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له”.
وقيام هذه الساعة فيه خير كثيرويمتد هذا الوقت المبارك حتى طلوع الفجر، وفي ذلك دليل على رحمة الله -تعالى- ولطفه بعباده ليتسِع لهم وقت مُناجاته وليسألوه من خيري الدنيا والآخرة، وفي ذلك حَثّ للعباد على استغلال هذا الوقت في الدعاء، والاستغفار؛ ابتغاء استجابة الله – تعالى
حيث يتسابق الصالحون المؤمنون بما يربو لهم عند ربهم من الأعمال الصالحة فينامون من الليل قليلاً، ويقومون باقي الليل؛ يناجون ربهم، ويأنسون به في ظلمات الليل حين يسكن الناس فيورثهم -سبحانه وتعالى- رضاه، وحبه، وينير وجوههم، وبصيرتهم، ويرزقهم الإخلاص، وكان عليه الصلاة والسلام- خير قدوة في تعبده لله -تعالى- بقيام الليل فقد كان يقومه حتى تتورّم قدماه.
اقرأ أيضا: