تحقيق- سماح عثمان
“مصر تحتوى على ثلثي آثار العالم” .. مقولة تعلمناها في المدارس وعند السؤال عن أشهر المواقع الأثرية فإن الاجابات تكون متقاربة لحد كبير ولكن من يذكر أن هناك موقعا أثريا مهما يقع في أعماق البحار في الاسكندرية وأسوان، وأنت تجلس على شاطئ الاسكندرية لاتدرى بأن هناك آثارا وتماثيل تحت قدميك على بُعد مئات الأمتار تعيش مع الشعب المرجانية منذ سنين طويلة، تقف هذه الآثار صامده فى قاع البحر أمام الأسماك المتوحشه والمياه المالحة منذ قرون ولم تبالى.
أنشأت وزارة الآثار إدارة الاثار الغارقة لمتابعة وضع آثارنا تحت الماء وعرفت الوزارة أنها من الإدارات النوعية ، ذلك لأنها فريدة في طبيعة عملها الذي ينحصر تحت مياه البحار والبحيرات ونهر النيل حيث توجد الآثار التي غمرتها المياه إما بسبب غرق سفينة أو مبنى، أو تغير مسار النيل، أو عوامل النحر للشواطئ البحرية، أو سقوط قطع أثرية في المياه.
وقد استحدثت تلك الإدارة في المجلس الأعلى للآثار بعد الاكتشافات الهامة في مياه البحر المتوسط بالإسكندرية في عامي ١٩٩٥و١٩٩٦م حينما كُشف عن بقايا فنار الإسكندرية بجوار قلعة قايتباى والحي الملكي تحت مياه الميناء الشرقي على التوالي، فجاء قرار د.علي حسن بإنشاء الإدارة وأسندت إدارتها إلى د.إبراهيم درويش مع مجموعة من شباب مفتشي الآثار من الذين حرصوا على التدريب على الغوص بمساعدة جمعية الآثار بالإسكندرية.
أجرى الباحث الأثري وائل جمال دراسة رصد فيها بعض القطع الأثرية الغارقة عبر الأقمار الصناعية بالتعاون مع المعهد الأوروبي للآثار الغارقة وتحديدا في الميناء الشرقي لمدينة الأسكندرية، وتوصلت الدراسة إلى تحديد موقع 1300 قطعة أثرية مختلفة مابين تماثيل وأعمدة وأجزاء من مسلات وعدد كبير من القطع التى تحمل نقوشا وكتابات هيروغليفية ويونانية نظرا لأن مدينة الاسكندرية ترجع للحضارة اليونانية الرومانية.
وأضافت الدراسة أن هناك مجموعة من الصخور المغمورة تحت الماء والتي تمتد بطول الميناء ومن بين هذه الصخور صخرة “جزيرة الماس” وهي جزيرة صغيرة غير مأهولة بالسكان تقع في المحيط الأطلسي جنوب شرق جزيرة المارتينيك على بعد ثلاثة كيلومترات تقريبًا من رأس الماس، وتعتبر هذه الجزيرة مَعلم للنشاط البركاني الذي أصاب المنطقة منذ ما يقارب مليون عام؛ وتوجد أجزاء منها في مدينة الأسكندرية – حسب الدراسة .
أما في منتصف الميناء تقريباً فقد تم اكتشاف مجموعة أخري من الصخور الغارقة والتي كان بعضها ظاهراً وبعضها مغموراً تحت الماء في العصرين اليوناني والروماني، اكتشاف ثلاثة موانئ غارقة ومطلة علي ساحل الميناء من الداخل .
لقد تم اكتشاف كميات كبيرة من القطع الأثرية حول وفوق شبه الجزيرة ، فقد تم اكتشاف عدد كبير من قواعد وتيجان الأعمدة بالإضافة إلي أجزاء من الأعمدة ذاتها وهي مصنوعة من الجرانيت أو الرخام، ويتراوح قطر العمود ما بين 45 سم إلي المتر .
كما تم اكتشاف عدد من كتل الجرانيت، أحدي هذه الكتل تحمل كتابات هيروغليفية، وعثر علي أجزءا من توابيت وتماثيل رخامية، وأحد تماثيل أبو الهول من الكوارتزيت ، هذا بالإضافة إلي اكتشاف عدداً كبيراً من الأمفورات المختلفة العصور والغارقة في مناطق متفرقة من الميناء الثاني.
مخلفات أثرية ونقوشا يونانية غارقه بميناء الأسكندرية
كما عثر معدو الدراسة على عدد كبير من المخلفات الأثرية الهامة مثل الأعمدة وكتل الجرانيت التي يحمل بعضها نقوشاً يونانية، هذا بالإضافة إلي كتل من الحجر الجيري وأجزاء من التماثيل وتتميز هذه الميناء الثالثة بكبر حجم القطع الأثرية التي وجدت غارقة في قاع الميناء وحولها خاصة الأعمدة مما يدعو إلي الاعتقاد أن هذه الميناء كان قديماً محاطة بعدد من المباني المعمدة الهامة
مكتبة الأسكندرية تضم قطعا أثرية مستخرجة من أعماق البحر
قال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية والمشرف على مركز زاهي حواس للمصريات، أن فكرة إنشاء متحف تحت الماء وُلدت عند العثور على 111 قطعة أثرية من بينها أرضيات الفسيفساء أثناء أعمال الحفر في موقع مكتبة الإسكندرية عام 1993، ويحتوي متحف الآثار بمكتبة الأسكندرية على 1272 قطعة بدءًا من العصر الفرعوني مرورًا بالعصر اليوناني الروماني ثم العصر البيزنطي يلي ذلك العصر الإسلامي والحديث بالإضافة للآثار الغارقة وآثار المكتبة وصالة آثار جزيرة نيلسون في “أبو قير”، ويتضمن المتحف أيضًا صالات المجموعات المؤقتة مثل آثار منطقة الرأس السوداء والمحمرة.
وأضاف عبد البصير في تصريح خاص لـ”أوان مصر”، يحتضن متحف الآثار بمكتبة الاثار قاعة تسمى الآثار الغارقة حيث تضم العديد من القطع المستخرجة من الميناء الشرقي وخليج “أبو قير”،إذ تبنت محافظة الأسكندرية ووزارة الآثار تشييد متحف تحت الماء، وبالفعل تم عمل تصميم المتحف، لكن يحتاج هذا المشروع إلى أموال هائلة للبدء في عملية التنفيذ.