شهدت السنوات الثلاث الماضية 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 10 بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وهو عدد يتجاوز ما حدث خلال العقدين الماضيين، واليوم، فإن نحو 60% من البلدان منخفضة الدخل في خطر كبير يهدد ببلوغها مرحلة المديونية الحرجة أو أنها بلغت هذه المرحلة بالفعل.
وقال تقرير حديث للبنك الدولي: لقد ارتفع الدين الخارجي للبلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 1.1 تريليون دولار، وقد دفعت تلك البلدان في عام 2022 مبلغًا قياسيًا قدره 88.9 مليار دولار لخدمة ديونها الخارجية.
توقعات بتضخم التكاليف الإجمالية لخدمة الديون
تضاعفت مدفوعات الفائدة على هذه الديون على مدى العقد الماضي أربع مرات لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 23.6 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تزداد الأمور سوءًا، حيث يتوقع أن تتضخم التكاليف الإجمالية لخدمة الديون في أفقر 24 بلدًا بنسبة تصل إلى 39% في عامي 2023 و2024.
وتتفاقم المشكلة بسبب ضعف النمو الذي شهدته العديد من أشد البلدان فقرًا طوال العقد الماضي، وفي الفترة من عام 2012 حتى عام 2022، ارتفعت الديون الخارجية للبلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة بنسبة 134%، وهو ما يتجاوز بكثير ما حققته من ارتفاع بنسبة 53% في إجمالي دخلها القومي.
تقلص إصدارات السندات الجديدة بأكثر من النصف
وتقلصت القروض الخاصة المقدمة إلى البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة لأدنى حدودها، وانخفضت السندات الجديدة التي أصدرتها البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في الأسواق الدولية بأكثر من النصف في الفترة من 2021 إلى 2022، وكان الانخفاض أكثر حدة في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، حيث انخفضت إصدارات السندات الجديدة بأكثر من ثلاثة أرباع إلى 3.1 مليارات دولار في عام 2022.
وقال التقرير: استجابة لذلك، كثف البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية المتعددة الأطراف مساندتها، وغالبًا ما كانت بمثابة المقرض الأخير، وبالنسبة للعديد من البلدان ولا سيما البلدان الأشد فقرًا كان الدائنون متعددو الأطراف المصدر الرئيسي للتمويل الجديد في عام 2022، حيث قدموا 115 مليار دولار في شكل تمويل جديد منخفض التكلفة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في عام 2022، وجاء نصف هذا المبلغ تقريبًا من البنك الدولي.
تضخم مدفوعات الديون
وتواجه البلدان منخفضة الدخل أزمة ديون كاسحة، مما يجعل من العملية الحادية والعشرين لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية أمرًا أكثر إلحاحاً لتكون الأكبر على الإطلاق.
ويبين تقرير الديون الدولية لعام 2023 أن تضخم مدفوعات الديون يدفع البلدان إلى توجيه الموارد الشحيحة بعيدًا عن أولوياتها الإنمائية، وستكون الموارد القوية للمؤسسة الدولية للتنمية التي تقدم قروضًا عديمة أو منخفضة الفائدة ومنحًا للبلدان الأشد فقرًا حول العالم عاملاً أساسيًا تعتمد عليه العديد من البلدان الفقيرة للاستثمار في شعوبها وفي بيئتها وللحيلولة دون فقدان المكاسب الإنمائية التي حققتها بشق الأنفس.
وقال هايشان فو، كبير الخبراء الإحصائيين ومدير مجموعة بيانات اقتصادات التنمية بالبنك الدولي: تحتاج البلدان الأشد فقرًا إلى المساعدة، وهي بحاجة إليها الآن، ويؤدي كل ربع سنة تظل فيه أسعار الفائدة مرتفعة إلى زيادة عدد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تعاني المديونية الحرجة، ويجعلها تواجه خيارًا صعبًا بين خدمة ديونها العامة أو الاستثمار في الصحة العامة والتعليم والبنية التحتية.
ويذكر أن المؤسسة الدولية للتنمية أكبر مصدر للتمويل الميسر في العالم، حيث تأتي 30% من التدفقات الخارجة منها في شكل منح. ومنذ عام 1960، قدمت المؤسسة 533 مليار دولار من التمويل إلى 115 بلدًا، وفي السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2023، بلغ إجمالي استثمارات المؤسسة 35.4 مليار دولار، منها 7.3 مليارات دولار في شكل منح و75% من هذه المنح تم توجيهها إلى البلدان الأفريقية.