لخص البنك الدولي عام 2023 في 9 رسومات بيانية، مؤكداً أنه عام “تزايد انعدام المساواة”، مشيراً إلى أن عام 2022 كان عاماً مليئاً بعدم اليقين، وجاء عام 2023 ليصبح عام انعدام المساواة.
وأصبحت المعركة للبلدان التي تأمل في التعافي من الخسائر المدمرة لجائحة كورونا أكثر صعوبة بسبب التهديدات المتفاقمة المتمثلة في تغير المناخ، أو أوضاع الهشاشة، أو الصراع والعنف، أو انعدام الأمن الغذائي، على سبيل المثال لا الحصر، التي تجعل من الصعب على الاقتصادات في جميع المجالات التعافي بشكل كامل.
وقال البنك في دراسة له نشرها على موقعه: أشد بلدان العالم فقراً هي الأكثر تضرراً، وتجد العديد من هذه البلدان التي تعاني بالفعل من المديونية الحرجة، نفسها تعاني من ضغوط أكبر للحصول على الموارد.
وفي الرسم البياني الأول حول أوضاع الفقر، أوضح البنك الدولي، أنه وعلى الرغم من تراجع الفقر المدقع في البلدان متوسطة الدخل، فإن الفقر في البلدان الأشد فقراً والبلدان المتأثرة بأوضاع بالهشاشة أو الصراع أو العنف لا يزال أسوأ مما كان عليه قبل الجائحة. ويؤدي استمرار الفقر في هذه البلدان إلى زيادة صعوبة تحقيق الأهداف الإنمائية العالمية الرئيسية الأخرى، وحوالي 700 مليون شخص حول العالم يعيشون في فقر مدقع، أي على أقل من 2.15 دولار في اليوم.
الديون
سلط البنك الدولي في الرسم البياني الثاني على الديون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل البالغ عددها 121 بلداً، مؤكداً تزايد المخاطر المتصلة بالديون على جميع الاقتصادات النامية، لاسيما بلدان الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل، غير أن المشكلات والتوترات كانت تزداد حدة بالنسبة لأشد بلدان العالم فقراً التي تعرضت لضغوط من جراء ارتفاع مدفوعات خدمة الديون. ولا تزال الضغوط مستمرة هذا العام.
وقال: أنفقت البلدان النامية رقماً قياسياً قدره 443.5 مليار دولار لخدمة ديونها العامة الخارجية المضمونة من الحكومة في عام 2022، ودفعت أشد البلدان فقراً المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي رقماً قياسياً قدره 88.9 مليار دولار، ويمثل هذا الرقم تكاليف خدمة الديون في عام 2022، بزيادة قدرها 4.8% عن عام 2021.
وتواجه أشد بلدان العالم فقراً خطر أزمات الديون مع ارتفاع تكاليف الاقتراض. وأدت الزيادة في التكاليف إلى تحويل الموارد الشحيحة بعيدا عن تلبية الاحتياجات الحيوية في قطاعات مثل الصحة والتعليم والبيئة.
الآفاق الاقتصادية
وفي الرسم البياني الثالث تحدث البنك حول الآفاق الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن النمو العالمي يتباطأ بشدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع الاستثمارات، والاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.7% في عام 2023 و 2.7% في عام 2024، مع توقع حدوث تراجع حاد في النمو على نطاق واسع. وتم تعديل التوقعات لتنخفض إلى نحو 95% من الاقتصادات المتقدمة ونحو 70% من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، ووأصبحت الآفاق الاقتصادية لبلدان الاقتصادات النامية قاتمة في عام 2023، ومع بزوغ فجر العام الجديد، يقف العالم في منتصف الطريق لعشر سنوات غاية في الأهمية لتحقيق التنمية المرجوة.
وفي رابع رسم بيان تحدث البنك عن تراجع آفاق النمو على الأجل الطويل، فوفقا للاتجاهات الحالية، من المتوقع أن ينخفض الحد الأقصى لمعدل النمو طويل الأجل للاقتصاد العالمي دون زيادة معدلات التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 30 سنة خلال الفترة المتبقية من عشرينيات القرن الحالي. ويرجع ذلك إلى أن معظم القوى التي عززت الرخاء منذ أوائل التسعينيات قد ضعفت، ويشمل ذلك تزايد عدد السكان في سن العمل.
المناخ
أما خامس رسم بياني فركز على المناخ، خصوصاً أن تغير المناخ آثار سلبية على البشر والاقتصاد، وقد يُجبر 216 مليون شخص على الهجرة داخل بلدانهم بحلول عام 2050.
وأكد أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الإجهاد المائي، فضلا عن انخفاض غلة المحاصيل، وخاصة في أكثر مناطق العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي.
وقال: إن التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة، والاستثمار في توصيل الكهرباء على نطاق واسع، مع تجنب إنشاء محطات فحم جديدة وإيقاف تشغيل المحطات القديمة وإخراجها من الخدمة، يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتوفير الطاقة النظيفة لتشغيل المنازل والمدارس والمستشفيات ومنشآت الأعمال.
أسواق السلع الأولية
أما سادس رسم بياني فركز على آفاق أسواق السلع الأولية، موضحاً أن تصاعد الصراع الحالي في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، يمكن أن يدفع أسواق السلع الأولية العالمية لحالة من عدم اليقين.
وأشار إلى انخفاض الأسعار العالمية للسلع الأولية بنحو 25% في عام 2023 مقارنة بعام 2022، وهو أكبر انخفاض منذ تفشي الجائحة. وأدى اندلاع الصراع في الشرق الأوسط في أوائل أكتوبرإلى ارتفاع أولي في الأسعار، وإن كان تأثيره ضئيلا حتى الآن، ولا تزال أسعار معظم السلع الأولية أعلى من متوسطها في 2015-2019.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 90 دولاراً للبرميل في الربع الحالي قبل أن تتراجع إلى 81 دولاراً للبرميل في المتوسط في السنة القادمة مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ومن المتوقع أن تنخفض أسعار السلع الأولية بشكل عام بنسبة 4.1% في السنة القادمة.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار السلع الزراعية في السنة القادمة مع ارتفاع الإمدادات، كما من المتوقع أن تنخفض أسعار المعادن الأساسية بنسبة 5% في عام 2024، ومن المتوقع أن تستقر أسعار السلع الأولية في 2025.
المرأة وأنشطة العمل
وحول المرأة وأنشطة الأعمال والقانون ركز البنك الدولي في الرسم البياني السابع، مشيراً إلى أنه وفي مختلف أنحاء العالم، لا يزال هناك نحو 2.4 مليار امرأة في سن العمل لا يتمتعن بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال. يقيس تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون لعام 2023 القوانين واللوائح التنظيمية التي تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة في 190 بلدا، لاسيما الحواجز التي تواجه المرأة في المشاركة الاقتصادية وكيفية إصلاح القوانين التمييزية التي قد تعوقها.
الهجرة والتنمية
وجاء الرسم البياني الثامن حول الهجرة والتنمية في العالم، فالهجرة هي أحد التحديات الملحة التي تواجه التنمية، ويعيش نحو 184 مليون شخص، أي 2.3% من سكان العالم، خارج البلدان التي يحملون جنسيتها، نصفهم تقريبا في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ومن الضروري للغاية معرفة كيفية التعامل مع الهجرة وحماية المهاجرين أثناء انتقالهم من بلدانهم الأصلية إلى المجتمعات المضيفة لضمان تحقيق النمو الاقتصادي والنجاح لهم.
وقال: إن تحسين سياسات الهجرة يمكن أن يساعد على تعزيز الرخاء في جميع البلدان، يزداد اعتماد البلدان على الهجرة لتحقيق النمو على المدى الطويل. ويمكننا استغلال ذلك كفرصة لإيجاد طرق أفضل لتكون الهجرة في صالح الناس والمجتمعات.
العمل بلاحدود
وفي الرسم البياني التاسع والأخير ركز البنك على “عمل بلا حدود”، موضحاً أن العمل المؤقت عبر الإنترنت يمثل جزءًا متنامياً في العديد من أسواق العمل، ويبلغ نحو 12% من قوة العمل العالمية، وهو مصدر دخل متزايد لملايين الأشخاص، ويزداد الطلب على العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت بوتيرة أسرع في البلدان النامية مقارنة بالبلدان الصناعية، كما أنه يتيح المرونة وإمكانية الحصول على دخل إضافي، وهذه المرونة والدخل الإضافي من الحوافز المهمة.
وتلعب منصات العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت المحلية دوراً حيوياً في سوق العمل المحلية، لكنها تواجه تحديات في وضع نموذج قابل للتطبيق ومستدام.