اثارت المغرب الجدل مع اقتراب شهر رمضان، بشأن رفع العقوبة التي فرضها القانون الجنائي للمملكة على “الإفطار علنا”، ويؤكد المؤيدون لهذا الإجراء أن ذلك يدخل في الحريات الشخصية.
وانطلقت حملة واسعة تحت عنوان “الماكلة ماشي جريمة”،عبر شبكات التواصل الاجتماعى تطالب بإلغاء الفصل القانوني الذي يجرم الأكل والشرب علنية ويعاقب عليه بالسجن، كما طرحت مبادرة على البرلمان لإقناعه بعدم جدوى هذا القانون.
الإفطار في شهر رمضان
وانقسمت آراء النشطاء بين من طالب بالمزيد من الحريات الفردية بإعادة النظر في المادة أو تعديلها أو إلغائها، وبين من رأى أن الإفطار في شهر رمضان يعد استفزازا لمشاعر المسلمين ومن يؤيده. صيام وتعدٍ واعتداء على عادات وتقاليد ودين البلاد.انقسام الآراء
ويأتى ضمن الجهات المؤيدة لتلك التحركات “معهد دولوز لتحليل السياسات”، الذي برر دعواته لإلغاء القانون بتأثيراته “السلبية” على الاقتصاد الوطني جراء إغلاق فضاءات الترفيه، وبممارسة “الاضطهاد الجسدي واللفظي” على المفطرين تحت غطاء القانون .
وطلب المعهد من برلمانيين منتمين إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار، عقد لقاءات رسمية لمناقشة إلغاء القانون، وعدم تجريم الإفطار العلني في رمضان.
ومن جانبه قال رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني:”حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين..”، مضيفا أن “المغرب بلد مسلم، توجد فيه أقليات صغيرة حقوقها محفوظة قانونيا”. وفق “العربية”.
وأردف: “نحن كمغاربة نمارس شعائرنا الدينية بكل أمن وأمان من دون أي مشكل، لكن الدعوة إلى الإجهار بالإفطار فيها استفزاز للمجتمع، ومن له رأي شخصي مختلف في الموضوع عليه الاحتفاظ به، فليس من المنطق فرض ذلك على المجتمع برمته.
عقوبة عدم صيام رمضان
من جانبه أكد يوسف دعي، مدير معهد دولوز للسياسات بالمغرب، عقد لقاءات مع بعض البرلمانيين لمناقشة هذه المادة من القانون المغربى، مشيرا إلى ارتباط غياب تجاوب هذه الأحزاب بالانشغال في النقاش المجتمعي الوطني حول مدونة الأسرة، وفق صحيفة “هسبريس” المغربية .
ولفت “دعي” الانتباه، إلى غياب عقوبة شرعية ثابتة وقطعية في الدين الإسلامي بخصوص عدم صيام رمضان، وبالتالي القوانين يجب أن تتجه إلى حماية الأفراد في الفضاء العام، وليس العكس، من خلال تشديد العقوبات لجرائم المس بالسلامة الجسدية للأفراد في الفضاء العام بموجب اعتناق أفكار أو معتقدات مختلفة عن العادات والأفكار السائدة في المجتمع، لاسيما خلال رمضان نتيجة الإفطار العلني.
وأشار إلى حيوية هذا النقاش إزاء ما يعرفه المجتمع المغربي من تحولات عميقة ثقافية واجتماعية واقتصادية وفكرية، وتنامي درجة الانفتاح حقوقيا وسياسيا؛ وهو ما يظهر من خلال النقاش المتعلق بمدونة الأسرة وبالقانون الجنائي، وحضور البعد الحقوقي وحرية الإنسان ضمنهما، موضحا التزام المغرب منذ تسعينات القرن الماضي بحماية الحقوق والحريات والإقرار بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية.
وطالب بمراعاة وجود الأقليات الدينية في المغرب بعين الاعتبار، ورفع الوصاية، باسم القانون، على حق الناس في أن يختاروا أنماط عيشهم ما دام ذلك لا يتعارض مع حقوق الغير.
القانون يجرم
ينص الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، على أن “كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وجاهر بالإفطار في نهار رمضان في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مائتي درهم”.
ولكن هذا القانون هو محل جدل فى المملكة المغربية، بين من يؤيده من أجل حفظ المقدسات واحترام مشاعر المسلمين، ورافض يطالب بإلغائه ويدعو إلى احترام حريات الأفراد وعدم التضييق على اختياراتهم الشخصية.
من جانبه، يرى الناشط صالح عبد الله، أن كل شخص حر في الإفطار والصيام مع مراعاة احترام الآخرين ومشاعرهم ومعتقداتهم وعدم المجاهرة بذلك بشكل علني في الشوارع والأماكن العامة.
لكن الناشط وليد النجمي، يعتبر أن قانون تجريم الإفطار في رمضان هو من أسخف القوانين، مؤكدّا أنه من غير المعقول أن يعاقب إنسان يعيش في دولة حديثة من أجل الأكل في رمضان، مضيفا أنه لا يوجد أي نص ديني يحثّ على سجن غير الصائمين وأن الصيام حرية فردية لا دخل للدولة فيها.