كنبت – سماح عثمان
حاوطهم غلاء الأسعار، وواجهتهم ضغوط الحياة برمتها، ودفعتهم إلى التقشف والتوفير ، تأخذهم أرجلهم ذهابًا وإيابًا يوميًا في السوق بحثًا عن الأقل سعر والأعلى جودة.. إنه حال الأسر المصرية البسيطة، التي أصبحت بين ليلة وضُحاها تواجه شبح الأسعار بلا رقابة حقيقية في الأسواق، وإن كانت اللحوم الفاسدة ولحم الحمير لها نصيب الأسد من الأخبار اليومية، إلا أن أسرة “سعاد” السيدة الأربعينة عاشت ليلة لن تنسها.
بأحد ميادين القاهرة، وفي الساعة الثانية ظهرًا، والميدان تملئة وقفت سيارة تعرض لحومًا بأسعار مخفضة، اقتربت “سعاد” نحو السيارة واشترت أكثر من كيلو، حتى يكفى باقي الشهر خاصة وأن السعر جيد وفي متناولها.
حينما عادت إلى البيت، وأخدت تغسل اللحم قبل طهيه لاحظت لونه الأحمر الذي لم تشك في جودته على الإطلاق، بل العكس ازدادت ثقة أنه طازج لتتفاجئ من الرائحة الكريهة للحم بعد ذلك وأثناء الطهي.. مع الأسف ل يكن ذلك حال سُعاد التي اكتشفت أن اللحم الذي اشترته كان مصبوغًا بألوان صناعية بل كان حال الكثير من الأسر البسيطة التى وقعت فريسة للجشع والطمع والغش ، لذا كان لـ”أوان مصر” لقاءات مع بعض العطارين بمنطقة الأزهر بحثًا عن أصباغ الطعام.
قال الحاج “س. م” أحد كبار العطارين بمنطة الأزهر والحسين بحي الجمالية، إن أصحاب محلات بيع المشويات، يضعون الألوان الصناعية بمشوياتهم لإكسابها اللون الأحمر الدموي الذي يعطي زبائنهم إحساس بأن لحومهم طازجة، قائلًا: ” يشتري الجزارين بهارات الحواوشي ويضعوا لها اللون الأحمر بحيث يصبخ لونه أحمر فاتح للشهية “.
ولفت إلى أن “الحواوشي” هو الأكثر خطورة لأنه بعد غلاء أسعار اللحوم أصبح الجزارين يقومون بفرم الدهون فقط ووضع عليها البهارات والتوابل والصبغة الحمراء، مشيرًا إلى أن سيدات قد تنخدع أيضًا أثناء شرائها للحم المفروم، لأن الجزار يضع اللون أثناء فرمها فتظهر نسبة اللحم أكثر من الدهن ويكون سعرها أغلى وغير ملحوظة على الإطلاق.
وأكد، أن ظاهر اللحوم الفاسدة لا يتم إكتشافها عند الشراء خاصة وأن اللون الأحمر الصناعي عند وضعه على اللحم لا يكون ملحوظة بل سيعطي لها لون طبيعي، قائلًا: “الفراخ المقرمشة التي تباع في المطاعم لو كانت لونها أزرق يتم نقعها في لون أحمر ولا يشعر المستهلك بالطعم الأصلي وهذا مايؤدي للإسهال واضطرابات المعدة ”
وأضاف أن الأصباغ لا تستخدم مع اللحوم والفراخ فقط، ولكنها أيضًا تسخدم مع الحلويات لتصنيع الكيكة الملونة، ناصحًا ربات البيوب بعدم شراء تلك الأنواع من الأصباغ ومكسبات اللون لأن أي شئ صناعي وغير طبيعي مُضر، وإن كانت الأطفال ترغب في الكعك فمن الأفضل استخدام “الكركدية” على سبيل المثال، أو استخدام “الكركُم” سيعطي اللون الأصفر.
وأشار إلى أن أي ربة بيت تشتري لأولادها ألوان صناعية لتضعها في الطعام فهي تُضره ولا تفيده، قائلًا: “أنا ببيع الصبغات وعارف دي بتتعب الكلى والكبد.. كلها حاجات مصنوعة في معمل مخلقهاش ربنا لازم تعرف إن آثارها الجانبية عالية جدًا، لازم حافظوا علي عيالكم.. البهارات بتفيد مش بتضر لكن الألوان تضر على طول الخط”.
وتابع : “إن الأصباغ يدون على العلبة التى يتم البيع منها مجموع من التحذيرات التي لا يقرأها أو يلتفت لها أحد منها أنه يحظر تناوله للحامل”، مؤكدًا أن العبوة مكتوب عليها مُصرح بوضعها على المواد الغذائية التي تلمسها الأيدي، إذاً هي مُصرح بها للاستخدام ولكنها مُضرة، السجائر مُصرح بها ولكنها تؤدي للوفاة.
ومازلنا في منطقة الأزهر التي اشتهرت بالعطارين، التي تخصصت أيضًا في لوازم الشراء، فمحلات “الحناوي” و”الريحاني” هي الأكثر شهرة في بيع جميع الألوان الصناعية سواء كانت سائلة أو في شكل “مسحوق”، فجميع الرفوف به عليها ألوان مختلف تتنوع بين “الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي..”.
وعن أسعار بيع الألوان، أكد أحد العمال بالمحل أن السعر يبدأ من 2 جنيه، حيث يتم تفريع أحد علب “كامينا” في أكياس صغيرة بمقدار معلقتين، وتُباع بشكل منفرد، مؤكدًا أن الألوان الصناعية تُعطي لون فقط وليس بها أي مُكسب رائحة أو طعم.
وأكد العامل، أن الألوان يتم وضعها على بعض الأطعمة منها الأرز واللحم أثناء تحميره واللانشون”.
أصباغ الطعام تصيب الأطفال بالتوحد والاضطرابات السلوكية
عدة دراسات بريطانية حديثة قامت بالربط بين هذه الأصباغِ الغذائية الصناعية و إصابة الاطفال بمشاكل الاِضطرابات السلوكية وجدت ارتفاع اعداد الاطفال المصابين بالتوحد، والاضطرابات الأخرى قد يكون ناجما جزئيا عن تناول اطفالنا لهذه الاصباغ غير الطبيعية، ولم تترك الكبار فإنها تصيبهم بالسرطان وأمراض الجهاز الهضمي.
والمفاجأة التى نكشف عنها أيضا هي أن أصباغ الطعام توجد في منتجات لا تؤكل، مثل النكهات في معجون أسنان الأطفال، مثل المعجون المنكّه بالفراولة (الفريز) يحتوي على ملونات طعام، وغسول الفم، وحتى الأدوية.