• نعم… «الغرفة» تقترح إلغاء نظام الكفيل للقضاء على تجارة الإقامات
• نقدّر عالياً جهود الحكومة ورئيسها ونشيد بإداراتها الصحية والأمنية والاقتصادية
• علي الغانم… أرهق نفسه وأتعب من يأتي بعده
• القطاع الخاص لا يفكر في تحقيق ربح من الأزمة ولا تعويض ربح ضائع
• «الغرفة» لم تشارك في إعداد ورقة الـ20 مليار دينار … أعدتها شركات معنية تملك طاقات بحثية
استعرض رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت الجديد محمد الصقر الخطط المستقبلية للغرفة ودورها الاقتصادي التنموي.
و خلف الصقر الرئيس السابق للغرفة علي الغانم الذي فضل التوقف عن العمل العام بعد أن قضى جانبا كبيرا من حياته في تطوير أداء الغرفة.
وتناول الصقر «الغرفة»وورقتها المبادئية عن معالجة تداعيات انتشار وباء كورونا على الاقتصاد الكويتي، في لقاء مع الزميلة جريدة الراي الكويتية ، حيث علق على ما يتردد عن تعرض «الغرفة» لكفاءة الإدارة الاقتصادية، مروراً بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتجارة الإقامات ( الاتجار بالبشر) .
وأفاد بأن رأي«الغرفة» يتفق مع ضرورة إعادة الحياة إلى الأسواق والإبقاء على الإغلاق شبه الكامل لافتاً إلى أن الاستمرار في الإغلاق أصبح بالغ التكلفة.
ودعا الى اتباع أفضل سبل تمويل عجز الموازنة العامة والسبب الرئيس في ملء خزان المشاعر غير الودية تجاهها، وغيرها الكثير من القضايا الساخنة التي كانت ضمن اللقاء الأول الذي يجريه الصقر بعد رئاسته لمجلس إدارة «الغرفة» تحديداً.
وفيما يلي نص الحوار..
• أود أن أبدأ بتقديم التهنئة الصادقة بثقة مجتمع الأعمال الكويتي، وتزكيتكم رئيساً لمؤسسته العريقة غرفة تجارة وصناعة الكويت، وأدخل من باب التهنئة هذا لأطرح سؤالي، ما مشاعركم بعد تسلمكم هذا الموقع الاقتصادي والمجتمعي المرموق؟
– أولاً أحبُّ أن أشكر«الراي» اهتمامها وحفاوتها وموقفها، وأخصُّ الجار والصديق والزميل جاسم بودي بشكرٍ خاص على العاطفة الصادقة والمقالة الشيقة اللتين استقبل بهما تزكيتي لرئاسة«الغرفة»، وأشكر لك شخصياً تهنئتك وجهودك. ثم أدخل- بدوري- من هذا الباب لأجيب عن سؤالك فأقول، إن مشاعري بتسلّم هذا الموقع مزيج من الاعتزاز والرجاء والإشفاق.
أما الاعتزاز فبالثقة الغالية التي شرفت بها، والتي تعكس نبل وإيثار زملائي أعضاء مجلس الإدارة، وكل واحد منهم جديرٌ بهذا الموقع وأهلٌ له.
وأما الرجاء فهو بأن يوفقني الله وزملائي في أن نقدّم للكويت واقتصادها خدمة توفيها جزءاً ضئيلاً من فضلها. وما يعزّز رجائي هذا ثقتي باستمرار رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه لـ«الغرفة»وجهودها، وباستمرار اهتمام ومتابعة سمو ولي العهد وسمو رئيس الوزراء حفظهما الله ورعاهما. وتفهم مجلس الأمة ـ فضلاً عن دعم ومساندة أعضاء«الغرفة»ومنتسبيها.
وأما الإشفاق، فهو من مشقة المضي في النهج الذي رسخّه رؤساء«الغرفة»الروّاد، وإشفاق من شقاء الانحراف عن دعائمه الوطنية والأخلاقية والمهنية، لأنه نهج لا يقدر عليه إلا أمثالهم.
وقد ازددت إشفاقاً على نفسي من هذه المسؤولية، بعد أن عرفت عن كثب كم أرهق الأخ الصديق الرئيس علي محمد ثنيان الغانم نفسه، وكم سيُتعِب مَن يأتي بعده، وهو الذي حمل الأمانة بكل كفاءة واقتدار طوال 15 عاماً، مترسماً خُطى ومآثر مَن سبقه، وفارضاً مستوى عالياً من الأداء على مَن خلفه. لأنه كان قوي الموقف، سريع القرار، متابعاً تقنيات العلم والحداثة، فحققت «الغرفة» في ظل رئاسته إنجازات عالمية في هذا المجال، وعزّز من مكانتها المتميزة على الصعد الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية.
جزى الله الأخ الكبير»أبو مرزوق«كل خير لقاء ما قدم لوطنه ومجتمعه واقتصاده… ولـ«الغرفة».
خطة شاملة
• في 25 مارس الماضي، قدّمت»الغرفة«إلى فريق العمل المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص، ورقة مبادئية عن»معالجة تداعيات انتشار وباء كورونا على الاقتصاد الكويتي«، لماذا وصفتم هذه الورقة بأنها»مبادئية«؟
– من حيث المبدأ، تعتقد «الغرفة» أن وضع خطة شاملة لمعالجة أزمة بهذا الحجم وبهذا العمق وبهذا الغموض، من واجب الحكومة وصلاحياتها بالدرجة الأولى، لأنها السلطة التي تملك الحق في الحصول على كل الإحصاءات والمعلومات اللازمة لذلك… اللهمّ إلا في حالة الحاجة إلى تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات قائمة. فتصبح موافقة السلطة التشريعية لازمة.
وبالتالي، فإن ورقة»الغرفة«موضع السؤال تجنبت الخوض في الآليات والتفاصيل والدخول في تحليلات لا تملك «الغرفة» أدواتها. واكتفت بالوقوف عند المنطلقات أو المبادئ الرئيسية والخطوط العريضة لمعالجة تداعيات انتشار وباء كورونا على الاقتصاد الكويتي. ومن هنا كانت ورقة»الغرفة«ورقة مبادئ لا ورقة آليات وإجراءات.
ميزانيات انعاش
• طالما أن الورقة وقفت عند المبادئ العامة ولم تدخل في التفاصيل، لماذا تضمنت مقترحاً باعتماد ميزانية للانعاش الاقتصادي بحجم يتراوح بين 15 و20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للكويت عام 2019؟
– النسبة التي اقترحتها»الغرفة«هي في حقيقتها متوسط ما اعتمدته مجموعة كبيرة من الدول المتقدمة والنامية (ومنها دول مجلس التعاون الخليجي) لميزانيات الانعاش الاقتصادي أو ميزانيات برامج التحفيز. وهذه النسبة وصلت إلى 16.8 في المئة بالامارات، و29.9 في المئة بالبحرين، و8 في المئة بالسعودية، و26.1 في المئة بعمان، و12 في المئة بقطر، و12 في المئة بالكويت.
والترجمة الرقمية للنسبة التي اقترحتها ورقة»الغرفة«ما بين 6 و8 مليارات دينار.
والجدير بالذكر هنا، أن ثمة دراسات أخرى قامت بها جهات كويتية مؤهلة، وانتهت إلى تقديرات مقاربة جداً. كما أن بنك الكويت المركزي نفسه يقدّر المبالغ التي حرّرها للمصارف الكويتية لتقديم القروض والتسهيلات المطلوبة منها بـ5 مليارات دينار.
ناهيك عن التكاليف الأخرى لمعالجة التداعيات الاقتصادية للأزمة. الأمر الذي يأخذنا إلى رقم قريب جداً من ذلك الذي ذكرته ورقة»الغرفة«.
• لكن»الغرفة«متهمة بأنها طالبت بميزانية تحفيز لا يقل حجمها عن 20 مليار دينار. فكيف نفسر هذا الفارق الكبير بين الرقمين؟
طاقات بحثية
– قبل أن تتقدم»الغرفة«بورقتها بأيام، جرى تداول ورقة أخرى تمثل اجتهاد أو رأي مجموعة من الشخصيات والشركات المعنية والتي تملك طاقات بحثية. وقد انتهى اجتهاد أصحاب هذه الورقة إلى أن معالجة التداعيات الاقتصادية لانتشار وباء كورونا تتطلب برنامج تحفيز تقدر تكلفته بعشرين مليار دينار. و»الغرفة«لم تشارك في إعداد هذه الورقة، ولم تطلع عليها إلا بعد تداولها.
إذاً، ليس هناك فارق كبير بين تقديرين تقدمت بهما»الغرفة«. بل هناك فارق كبير بين تقدير تضمنته ورقة»الغرفة«، 6 – 8 مليارات دينار وبين تقدير آخر 20 ملياراً، تضمنته ورقة أخرى تمثل اجتهاد أصحابها وتحمل تواقيعهم.
• ينظر بعض أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى»الغرفة«بعتاب واضح، بدعوى أن ورقتها لم تعطِ هذه المشاريع اهتماماً كافياً. هل ترى أن»الغرفة«تستحق هذه النظرة المعاتبة؟
– العتاب لا يكون أصلاً إلا بين الأحبة. وهذا بالفعل شعور «الغرفة» تجاه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وبالتالي، فإن «نظرة المعاتبة» هذه مقبولة ومشكورة سواء كانت محقة أم لم تكن.
وفي هذا الصدد أنا سأعود إلى ما ورد في ورقة «الغرفة»، ثم أترك للقراء أن يقرروا في ما إذا كان لهذا العتاب من مبرر أم لا؟
جاء في ورقة «الغرفة» ما يلي: «تعتقد الغرفة أن الأزمة تلقي بأعبائها بشكل خاص على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. والمقصود هنا ليس أصحاب المشاريع المموّلة من الصندوق الوطني فقط، بل جميع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يصعب عليها الصمود في مواجهة الأزمة، والذين يشكلون نسبة عالية من الكويتيين ذوي الأعمال الحرة، والذين يناهز عدد المسجلين منهم تحت الباب الخامس من قانون التأمينات الاجتماعية 16000.
وبالتالي، تأمل «الغرفة» أن يأتي أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة على رأس أولويات برنامج التحفيز، وألا يقتصر دعمهم على «تأجيل أقساط القروض المصرفية».
ظاهرة قديمة
• أصدرت «الغرفة» بياناً حول تجارة الاقامات، طالبت فيه بأشد العقوبات القانونية على ممارسي هذا العمل وعلى شركائهم والضالعين معهم من جهة، وبوضع سياسات سليمة لمعالجة هذه الظاهرة من جهة ثانية.
هل تطلب «الغرفة» فعلاً إلغاء ما يسمى بنظام الكفيل للعمالة الوافدة؟
– ظاهرة تجارة الاقامات بالمشكلة ليست جديدة في الكويت، بل يمكن القول إن بداياتها تعود إلى أكثر من 3 عقود، نمت خلالها هذه الظاهرة وازدادت حجماً وخطورة وبشاعة، بسبب أرباحها الهائلة الحرام شريعة وتشريعاً، والتي يتقاسمها تجار الاقامات مع مَن يسهّل لهم جريمتهم، ويصمت عن فضائحهم، ويتغاضى عن ملاحقتهم.
وأزمة وباء كورونا فضحت بصورة مباغتة وصادمة عمق مخاطر تجارة الاقامات على أمن الكويت واقتصادها ومجتمعها وسمعتها، كما كشفت بشاعة إساءتها لكرامة الإنسان ولضحاياها وأهاليهم وعائلاتهم.
«الغرفة» لم تؤيد في بيانها إنزال أقسى العقوبات القانونية على مرتكبي هذه الجريمة فحسب، بل طالبت أيضاً بتدابير فاعلة لتجفيف المال السحت الناجم عن استغلال آلام البشر والإضرار بمصالح الوطن.
ذلك أن «الغرفة» تعتقد أن العقاب الصارم، على ضرورته، لن يكون كافياً ما لم ترافقه وتوازيه سياسات تجعل من تجارة الإقامات جريمة بلا مردود.
وتجارة المخدرات تثبت صحة ما ذهبت إليه «الغرفة». فدول العالم كله تحارب تجارة المخدرات إلى درجة الحكم بالإعدام على مَن يمارسها. ومع ذلك فتجارة المخدرات ما زالت موجودة ومنتشرة بسبب ما تدره على أصحابها من أرباح محرّمة. وقد طرح بيان «الغرفة» مقترح إلغاء نظام الكفيل باعتباره السبيل الأفضل والأسرع للقضاء على تجارة الإقامات.
وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأؤكد أن موقف «الغرفة» من تجارة الاقامات موثّق منذ سنوات في أدبياتها. كما أن محاضر مجلس الأمة تشهد على موقفي الشخصي من هذا الموضوع.
• يوم الاربعاء 29 أبريل استقبل سمو رئيس الوزراء وبحضور وزراء التجارة والصناعة، والدولة للشؤون الاقتصادية، والمالية – هيئة مكتب «الغرفة» ما مناسبة وما هدف هذا اللقاء؟
– في البداية، أود أن انتهز هذه الفرصة لتأكيد شكر «الغرفة» وتقديرها لسمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، لاهتمامه بالتعرف على آراء «الغرفة» ووجهة نظر القطاع الخاص في القضايا الاقتصادية. وقد بدا ذلك واضحاً في استجابته الكريمة لمقترح الغرفة، أول مارس الماضي، لتشكيل فريق عمل من الحكومة والقطاع الخاص لدراسة التداعيات المتوقعة لأزمة وباء كورونا على الاقتصاد الكويتي. كما بدا واضحاً حين استجاب سموه مشكوراً لرغبة «الغرفة» بلقائه بوجود وزراء الإدارة الاقتصادية إن أمكن ذلك.
وواقع الأمر، أنه بعد أن تقدّمت «الغرفة» بورقتها يوم 25 /3 /2020، وبعد أن أعلنت الحكومة في 31 /3 قراراتها لمعالجة التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، وبعد أن أعلن محافظ بنك الكويت المركزي رئيس اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي الدكتور محمد الهاشل آليات وشروط ومعايير تنفيذ برنامج التحفيز، عقدت «الغرفة» 5 اجتماعات مطولة لمتابعة كل هذه الأمور مجتمعة مع شرائح مختلفة من القطاع الخاص.
وكان أول هذه الاجتماعات مع مجموعة من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وثانيها مع قيادات فنية واقتصادية في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وثالثها مع ممثلي 14 اتحاداً نوعياً. كما كان الاجتماع الرابع مع مجموعة من أصحاب أو رؤساء شركات كبيرة متعددة الأنشطة. أما الاجتماع الخامس فكان مع عدد من رؤساء الشركات العقارية.
وقد قامت «الغرفة» بتحليل وتبويب وتلخيص المقترحات التي طرحت في هذه الاجتماعات، ووجدت من واجبها تجاه الحكومة وتجاه من التقت بهم أن تطلع سمو رئيس مجلس الوزراء ووزراء الإدارة الاقتصادية على خلاصة هذه المقترحات.
صورة شاملة
• هل يمكننا التعرف على الأفكار أو المقترحات الرئيسية التي نقلتموها إلى سمو رئيس الوزراء، وإلى وزراء الإدارة الاقتصادية في هذا اللقاء؟
– قبل الإجابة عن سؤالك، أود أن أشيد بما تميّز به اللقاء من شفافية وإيجابية، وبما وجدناه من تقارب كبير بين توجهات الحكومة ومرئيات القطاع الخاص.
كما أود أن أقول إن الصورة الشاملة للمشهد الصحي والاقتصادي التي عرضها سمو رئيس الوزراء في مطلع اللقاء، كشفت عن إلمام كامل بكل القضايا وتفاصيلها، وعن تفهم عميق لكل الآراء المطروحة وأبعادها، وعن ثقة صادقة بقدرة الكويت على تجاوز هذه الأزمة التي تعصف بكل اقتصاديات العالم. وهذا ما لمسناه أيضاً لدى الإخوة الوزراء الثلاثة، وما ترك لدينا من اطمئنان وارتياح.
أما عن الآراء والمقترحات التي نقلتها «الغرفة» إلى سمو رئيس الوزراء فربما كان أهمها هو المطالبة بتسريع الخُطى والإجراءات. لأن الظروف الصعبة والاستثنائية التي نمرُّ بها تقتضي بالضرورة سرعة استثنائية في اتخاذ القرار. فأي تأخر في هذا الصدد سينعكس تفاقماً في الأزمة وارتفاعاً في صعوبة وتكاليف معالجتها. وقد أثبتت التجربة العالمية فعلاً أن الفرق بين الدول التي استطاعت تطويق الأزمة الاقتصادية وتلك التي لم تسجل نجاحاً في هذا المضمار هو سرعة القرار وسرعة التنفيذ.
ومن الأمثلة التي تم طرحها عن الخطوات التي ينبغي اتخاذها بسرعة؛ تعديل قانون العمل، وتعديل قانون الإيجارات، وإصدار قانون تنظيم الإعسار والإفلاس وحماية حقوق الدائنين، وإصدار قانون الصكوك الحكومية حسب الشريعة الإسلامية. فضلاً عن تخفيض وتأجيل أجور القسائم، والرسوم على اختلافها.
ومن جهة أخرى، أثارت «الغرفة» ضرورة إعادة الحياة إلى الأسواق من خلال السماح بعودتها للعمل تدريجياً وحسب ضوابط كافية تراعي المقتضيات الصحية. لأن الإبقاء على هذا الإغلاق شبه الكامل أصبح بالغ التكلفة، ومنذراً بصعوبة عودة العديد من المؤسسات والشركات إلى العمل.
وقد يكون تعزيز قدرة الأسواق على تسليم البضاعة المباعة إلكترونياً (Online) بمثابة الخطوة الأولى في هذا الصدد.
ومن الإجراءات المهمة التي ارتأت «الغرفة» أنها عادلة ومجدية وتقتضي الإسراع في تنفيذها، أن تقوم كل الجهات الحكومية بسداد المبالغ المستحقة عليها تجاه القطاع الخاص.
وأشادت «الغرفة» بالاهتمام الخاص الذي أولته الدولة لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولكنها عادت فربطت جدوى هذا الاهتمام بسرعة الخُطى وسهولة التنفيذ.
وفي هذا اللقاء، أولت «الغرفة» معالجة قضية الإيجارات في إطار شامل موحد اهتماماً خاصاً، فاقترحت أن يحظى المستثمرون العقاريون وشركاتهم بتأجيل أقساط مديونياتهم المصرفية بأدنى تكلفة ممكنة، أو بمنحهم قروضاً ميسّرة الجدولة والتكلفة وللمدة نفسها التي تعطي فيها إعفاءات أو تخفيضات للمستأجرين. وما دفع «الغرفة» إلى طرح هذا المقترح حرصها على أن تبقى لدى المستثمرين العقاريين القدرة الكافية على سداد مديونياتهم للجهاز المصرفي والتي تصل إلى 9 مليارات دينار. لأن تعثرهم في سداد هذه القروض، لا سمح الله، ستكون له تداعيات مؤثرة على بقية القطاعات الاقتصادية وأولها القطاع المصرفي.
والجدير بالذكر هنا، أن ورقة «الغرفة» التي سبقت الإشارة اليها، والتي قدمتها يوم 25 /3 /2020، كانت الوحيدة التي طالبت بإقرار وتسهيل التعليم عن بعد للتخفيف من التداعيات التعليمية الكارثية لوباء كورونا. وفي إطار ذات الاهتمام بالعملية التعليمية وحمايتها، طرحت «الغرفة» أثناء لقائها بسمو رئيس مجلس الوزراء ووزراء الإدارة الاقتصادية ضرورة إعادة النظر – وبسرعة- بقرار وزارة التربية 14550 /2020، الذي أجل سداد كل الأقساط المدرسية حتى الحالّة منها والمتأخرة إلى ما بعد انتهاء العام الدراسي 2019 /2020، وطالب – في الوقت نفسه – بألا تتأخر مدارس التعليم الخاص عن سداد رواتب العاملين لديها كاملة وفي مواعيدها. الأمر الذي وضع المدارس وأصحابها في مأزق مالي صعب، يخشى أن تضطر معه العديد من مؤسسات التعليم الخاص إلى عدم العودة للعمل، رغم دورها الكبير في العملية التعليمية حالياً ومستقبلاً.
عمق وخطورة
• عقب لقاء سمو رئيس مجلس الوزراء ووزراء الإدارة الاقتصادية بهيئة مكتب «الغرفة»، وبعد التصريح الرسمي المقتضب في شأن هذا اللقاء، سرت تكنهات أو إشاعات عديدة. اسمحوا لي أن أنقل اثنتين منها، أولاهما، هل تعرضتم فعلاً خلال اللقاء لكفاءة بعض وزراء وقيادات الإدارة الاقتصادية في تعاملهم مع الأزمة ؟
– بإجابة سريعة وصادقة ومباشرة، أقول نعم ولكن بأي اتجاه؛ فقد ذكرت لسمو الرئيس أننا في «الغرفة» نعرف تماماً حجم ومشقة وصعوبة الجهود التي تبذلها الحكومة كلها بموجب توجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه الشيخ صباح الأحمد الصباح.
وإننا إذ نشيد بشكل خاص بجهود الإدارة الصحية والإدارة الأمنية والإدارة الاقتصادية، نشعر أيضاً بتقدير كبير لجهود رئيس وأعضاء «اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي» ولحرفيتها العالية في وضع آليات وشروط ومعايير تنفيذ برنامج التحفيز الذي أقرّته الحكومة.
كما ذكرتُ لسمو الرئيس، نحن في «الغرفة» ندرك تماماً أن أزمة بهذا الاتساع والعمق والخطورة ليس لها حل يرضي كل الأطراف، وأن اختلاف الاجتهادات حولها أمر طبيعي وحتمي، وأن الحلول ليست قرارات ثابتة لا تتغيّر، بل هي متطورة تبعاً لتطورات الأزمة، وتطور القناعات والاجتهادات بشأنها.
اعتزاز «الغرفة»
• التكهن الثاني هو أنه عندما اجتمعت «الغرفة» بعدد من أصحاب ورؤساء الشركات الكبيرة متعددة الأنشطة، هل طلب هؤلاء فعلاً تمويلاً مباشراً وسخياً من المال العام للتعويض عن «الأضرار البالغة» التي لحقت بشركاتهم؟ وهل نقلتم مثل هذا الطلب الى سمو رئيس مجلس الوزراء؟
– عندما تحدثت لسمو الرئيس عن الاجتماعات الخمسة التي عقدتها «الغرفة» مع شرائح متكاملة في القطاع الخاص كما سبق أن ذكرت لك، أعربت بكل صدق ووضوح عن اعتزاز «الغرفة» وتقديرها للموضوعية العلمية وللتوجه الوطني المسؤول الذي أبداه كل من التقت بهم في هذه الاجتماعات دون استثناء.
وهم جميعاً يعملون لمصلحة الاقتصاد الوطني ومستقبله، وليس منهم مَن يسعى لتحقيق ربح من الأزمة، وليس منهم من يطلب تعويض الأرباح الضائعة. وكل ما يرجونه من برنامج التحفيز هو أن ينجح في تقليل خسائر القطاع الخاص بكل قطاعاته ومكوناته لكي يستطيع الصمود والخروج من الأزمة- بإذن الله- قادراً على النهوض بدوره التنموي.
وطالما أن الاشاعة التي ذكرتها قد خصَّت بالذكر رؤساء وأصحاب الشركات الكبيرة متعددة الأنشطة، فإني أجد من واجبي أن أخرج أيضاً من التعميم الى التحديد لأقول إن هؤلاء بالذات هم الذين قالوا إنه لا يجوز لأي كان أن يستغل هذه الازمة المرهقة للوطن والمجتمع لتحقيق مصلحة خاصة. وأنه إذا كان الاستغلال غير المشروع بمطلقه عملاً غير أخلاقي، فإن استغلال هذه الازمة بالذات يمكن أن يدان وطنياً وإنسانياً وشرعياً بأبعد من ذلك بكثير.
الدّين العام
• ثمة خلاف حاد بين من يجد أن إصدار قانون الدين العام أمر بالغ الأهمية في مواجهة الظروف الاقتصادية الراهنة، وبين مَن يعتقد غير ذلك، وآخرها تمسك الحكومة بالقانون مقابل رفض نيابي، أين تقف «الغرفة» في هذا الخصوص ؟
– لا أتفق معك بأن هناك من يؤيد إصدار قانون الدين العام وهناك من يعارضه. والتعبير الصحيح برأيي أن هناك من يؤيد إقرار مشروع قانون الدين العام الذي تقدمت به الحكومة قبل أكثر من عامين ثم عادت لتعديله وإعادة تقديمه إلى مجلس الأمة أخيراً، وهناك من يعتقد أن مشروع القانون هذا يحتاج إلى إعادة النظر مرة ثانية لتلافي بعض أوجه القصور حسب رأيهم. أما الحاجة إلى قانون للدين العام ( بصيغة أو بأخرى ) فأعتقد أنها أمر لا خلاف عليه.
و«الغرفة» لم تطرح هذا الموضوع أثناء لقائها بسمو رئيس مجلس الوزراء، كما أنها لم تتعرض لهذا الأمر في ورقتها حول «معالجة تداعيات انتشار وباء كورونا على الاقتصاد الوطني» وكل ما ذكرته الورقة في هذا الصدد هو أنها «لا تنصح بتمويل برنامج التحفيز الاقتصادي من خلال بيع الأصول في هذه الظروف التي انخفضت فيها تكاليف الاقتراض إلى مستوى غير مسبوق، بينما انخفضت أسعار معظم الأصول إلى مستوى مماثل. علماً أن الطريقتين ليستا بالسهولة السابقة».
معركة شرسة
• برأي «الغرفة» ما القضايا الاقتصادية ذات الأولوية في الكويت، والتي تخطّط «الغرفة» لدراستها والسعي للتعاون مع كل الجهات المعنية في إيجاد معالجات لها؟
– وصف الأخ محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل الأزمة الصحية الاقتصادية التي تجتاح العالم كله بأنها معركة على جبهتين: الحياة والمحيا.
وفي اعتقادي أن الكويت من الدول القليلة جداً التي تخوض هذه المعركة الشرسة على جبهات خمس، الصحة، وأسعار النفط، والانكشاف التجاري الكامل، والتركيبة السكانية المعقدة، فضلاً عن المفاهيم الخاطئة والسياسات غير الموفقة التي ترسخت على مدى عقود عديدة.
إن سؤالك هذا بالذات، وفي هذا الوقت بالذات موضع حوار معمق في مجلس إدارة «الغرفة»، حيث تواجهنا صعوبة حقيقية في أن ننزع صفة الأولوية عن أي قضية اقتصادية رئيسية، كالتكويت باعتباره المدخل الأساسي لتصحيح التركيبة السكانية، وتنويع مصادر الدخل، ورفع كفاءة الإدارة العامة وإعادة مفهومها إلى أداة للخدمة العامة بعد أن كاد يتحول الى أداة للسيطرة الروتينية. واحتكار الدولة للأراضي الذي أصبح من أول معيقات التنمية والاستثمار. وعجز الميزانية العامة المتزايد. ومحاربة الفساد. وتطوير الموانئ. والقضاء على ثقافة الهدر والاعتماد الكامل على الانفاق العام. وشبكة الضمان الاجتماعي التي أضحت فوق طاقة الدولة، ولابدَّ من إعادة النظر في آلياتها لتقتصر على المواطنين المستحقين وعلى المشاريع ذات القيمة المضافة.
والواقع أن القضايا الاقتصادية كالأواني المستطرقة متشابكة متداخلة مترابطة، لا يمكن أن تعزل بعضها عن بعض. وبالتالي، فإن القضية الاقتصادية ذات الأولوية المطلقة – في اعتقادي- هي الإصلاح الاقتصادي بمفهوم الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد انتاجي، ومن الهيمنة المطلقة للقطاع العام إلى المشاركة الحقيقية والعادلة بين القطاعين الخاص والعام، في ظل حرية اقتصادية تقوم على المنافسة العادلة، والفرص المتكافئة، والرعاية المجتمعية لمن يحتاجها.
وهنا يسرني أن أقول إن اختيار أولويات «الغرفة» مسؤولية مجلس الإدارة كله، وأن المجلس أقر التعاون مع فريق اقتصادي من شباب الكويت عالي الاختصاص والخبرة، لإغناء حواراته حول القضايا الاقتصادية المختلفة، والتخطيط لبرامجه البحثية.
غور «كورونا» ما زال مجهولاً
في ضوء قرارات مجلس الوزراء لمعالجة تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الكويتي، وفي ضوء الإيضاحات والآليات والمعايير والضوابط التي جاءت في ورقة «الحياة والمحيا» التي أعلنها محافظ «المركزي»، رئيس اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز، كان السؤال عما إذا استقرت لدى «الغرفة» قناعة موضوعية كافية بقدرة برنامج التحفيز المعلن على معالجة الأزمة الاقتصادية بكل أبعادها؟
وفي هذا الخصوص أجاب الصقر قائلاً: «أرجو أن توافقني الرأي بأن ثمة إجماعاً أو ما يقاربه على أن غور هذه الأزمة ما زال مجهولاً، وأن من الصعب على أي معالجة أو حلول أن تستكمل مقوماتها وتعتمد صيغتها النهائية بومضة واحدة أو مرة واحدة، وأن من الأصعب أن نصل إلى حلول ترضي كل الأطراف. وبتعبير آخر ثمة قبول عام ومسبق بأن منطلقات المعالجة وتكلفتها وإجراءاتها لا بد وأن تتسم بمرونة كافية تسهّل تحركها وتطوير إجراءاتها تجاوباً مع تطورات الأزمة نفسها».
وأضاف أنه «في إطار هذا المفهوم، يمكنني القول إن قرارات مجلس الوزراء بشأن التحفيز الاقتصادي، وآليات وضوابط اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز تتسم بحرفية عالية وكفاية مقنعة لأزمة لا يتجاوز مداها 6 أشهر.
أما إذا استمرت الأزمة بذات القسوة لأكثر من هذا المدى لا سمح الله، فإن الحلول الحالية لن تكون
– بتقديرنا- كافية، ولا بد من أن نعيد جميعاً حساباتنا».
ولفت الصقر إلى أنه من جهة أخرى، تعتقد «الغرفة» بأن الحلول المطروحة حالياً، رغم كل الجهود الصادقة التي تقف وراءها، ورغم حرفيتها العالية وكفايتها المرحلية، يمكن أن تفقد الكثير من فعاليتها وجدواها، إذا استمرت الخُطى التنفيذية على بطئها الحالي.
وقال «إن توفقاً جاداً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على تسريع الخطى أصبح ضروة وطنية ملحّة».
السياسة ملأت خزان المشاعر غير الوديّة تجاه «الغرفة»
كان السؤال الأخير الذي تم توجيهه إلى أبوعبدالله، وتمنينا خلاله أن تكون إجابته مسك ختام هذه المقابلة الدسمة والشيّقة، يتعلق بيوم الرابع من مايو الجاري على وجه التحديد، حيث نشر الأخ عبدالله بشارة مقالاً، أعرب فيه عن تهنئته للصقر وثقته بنجاحه. كما تناول فيه ضرورة اتساع دور «الغرفة» في الهموم الكويتية المتزايدة. وطرح بذكاء ظاهرة التشكيك بمواقف «الغرفة»، و«خزان المشاعر التي ليس فيها مودة لـ (الغرفة)».
وهنا كان السؤال لأبوعبدالله، هل تقرُّ «الغرفة» بوجود مثل هذه الظاهرة ومثل هذا الخزان ؟ ومَن المسؤول عن تعبئته وامتلائه؟
وإلى ذلك قال الصقر«أشكرك على هذا السؤال الذي يتيح لي الفرصة لأعرب للأخ الصديق، والديبلوماسي العريق، عن شكري الجزيل لمقاله الرائع الذي اتسم بصراحة لا تنقصها الديبلوماسية، وبواقعية يضفي عليها وشاح التاريخ مصداقية وهيبة. فضلاً عن استقراء مستقبلي يربط تحقق الأمل بالعزيمة والعمل».
أما عن نظرة الشك التي تقابل بها جهود «الغرفة» وآراؤها ومقترحاتها، فأفاد بأنها ظاهرة تعاني منها «الغرفة» منذ سنوات طويلة نتيجة الخطأ الكبير في النظر إليها كنادٍ للأغنياء بدل التعامل معها كمنبرٍ لبحث القضايا الاقتصادية بموضوعية وديموقراطية واستشراف مستقبلي.
مصلحة الاقتصاد الوطني
وأضاف «من منطلق مصلحة الاقتصاد الوطني الذي تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكثر من 80 في المئة من مؤسساته ومنشآته وشركاته».
وتابع «رغم أن أصحاب النظرة المرتابة يرفضون رأي (الغرفة) قبل قراءته أو بعد قراءته الخاطئة والمتواترة، فإني لا أنكر أبداً أن (الغرفة) تتحمل جزءاً غير قليل من مسؤولية هذا الوضع. لأنها يجب أن تكون أكثر نشاطاً واقتداراً في مجال الاعلام الصادق عن جهودها ومواقفها وآرائها.
ولكن ما يخفف شعورنا بذنب التقصير، أن نظرة الشك والارتياب هذه، قد اتسعت حدقتها لتتناول كل تجديد أو تغيير أو إصلاح».
وقال «أجد من المفيد أن أشير هنا إلى نظرية حديثة تناولها فرنسيس فوكوياما في كتابه «الثقة»، كما تناولها الآن بيرفت في كتابه «مجتمع الثقة»، وهي تفسر تفاوت الشعوب والدول من حيث القدرة على التقدم بمدى انتشار أو انحسار ثقافة الثقة في مجتمعاتها.
فالمجتمعات القائمة على الثقة هي المجتمعات الأقدر على التقدم، أما تلك التي تغلب على علاقاتها ثقة الشك والتربص واحتمالات المؤامرة، فتبقى أسيرة الماضي والخوف من التغيير. فثقافة الثقة شرط للتقدم، وثقافة الشك كفيلة باستمرار الحراك في دائرة التخلف.
وأعود – بعد هذا كله – إلى سؤالك عمن ملأ خزان المشاعر غير الودية تجاه (الغرفة)، فأقول إن الإجابة عليه يطول شرحها وتتعدّد الاجتهادات بصددها. ولكني أستطيع وبدرجة كافية من اليقين أن أشير بإصبع الاتهام إلى… السياسة».