قال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار أن الملك الكافر هو النمرود ملك بابل وقيل انه صاحب صرح بابل ارتبط ذكره بسيرة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح ، كان من الملوك الذين يقال عنهم أنهم ملكوا الدنيا فقد كان ما لديه لا يعد ولا يحصى ، ويقال في الأثر عن ابن عباس أنه قال : “ملَك الأرض مؤمنان سليمان وذو القرنين ، وكافران النمرود وبختنصّر” .
قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام والملك الكافر
ملك النمرود استمر أربعمائة سنة طغى فيها وتكبر وبغى في الأرض ، فلما امتلك المال وثبت له الملك والجاه تكبر على الناس ولم يتبق له إلا أن يدعي الإلوهية ، وبالفعل قال للناس : أنا ربكم الأعلى ، وقد كان الناس يأتون إلى هذا الملك فيعطيهم الميرة ( أي الطعام الشراب) وكان كلما يأتيه الناس ليأخذوا منه الطعام كان يقول لكل منهم : من ربك أتؤمن أني ربك ؟ فيقول له هذا الشخص المحتاج للطعام والشراب :نعم أؤمن أنك كذلك فيعطيه الطعام والشراب ، ولما أتاه سيدنا إبراهيم عليه السلام قال له النمرود من ربك ؟ أتؤمن أني ربك ؟ فقال سيدنا إبراهيم لا ..أو لك رب غيري ؟ فأجاب سيدنا إبراهيم نعم ، فقال له النمرود ما صفات ربك ؟ فقال له سيدنا إبراهيم ربي الذي يحي ويميت ، فقال ذلك الطاغية أنا أحيي وأميت ، ثم دعا برجلين كانا بالسجن فقتل واحدًا منهم ثم ترك الأخر يعيش ، ثم قال أنا أحييت واحدًا وتركت الأخر يموت ، إذا أنا أحيي وأميت.
ذكر الله عز وجل تلك الحادثة حيث قال بسم الله الرحمن الرحيم ” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” “سورة البقرة ، الآية 258” .وبهذا الطلب أظهر سيدنا إبراهيم خداع النمرود وضلاله للناس أمام قومه ، فلم يستطع الإجابة على سيدنا إبراهيم بل سكت وهنا يقول الله عزوجل عنه (فبهت الذي كفر).
كان هلاك النمرود وجنوده عن طريق جند من جنود الله وهؤلاء الجنود كانوا ذبابًا وبعوضًا لم ير الناس الشمس من كثرتها ، وسلط الله عليهم هؤلاء الجنود الطائعين فأكلوا لحومهم وشربوا دمائهم حتى تركوهم عظامًا بالية ، وقد أمر الله بعوضة منهم فدخلت في أنف النمرود ، وظلت برأسه أمدًا حتى عذبه الله بها وكان النمرود من شدة ما تعرض له من عذاب كان يضرب رأسه من شدة الألم بالمرازب والمطارق وكان يطلب ممن حوله أن يضربونه وظل هكذا ذليلًا معذبًا حتى أهلكه الله عز وجل بجند من جنوده وهو بعوضة أو ذبابة ، فسبحان الله عز وجل القوي القادرعلى كل شيء حينما تحداه النمرود بجيوشه الجرارة أرسل له أصغر وأضعف مخلوقاته فأهلكته هو وجنوده ليكون عبرة لمن يتحدى الله ويدعى الإلوهية من دونه.( والله أعلم) .
موضوعات متعلقة