في هذا الكتاب يعرض المؤلف لجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة ، حيث لم تلق مادة في قانون العقوبات هجوماً مثلما لاقت المادة 98 ( و) من قانون العقوبات بحجة إنها تقيد حرية الرأي ، وتناولت هذه المادة تجريم استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية .
ويري المؤلف في هذا الكتاب أنه إذا كانت حرية الرأي تثير الفتنة وتهدم القيم والثوابت الدينية المستقرة في البلاد ، فليذهب من يعترض إلي حيث يشاء ، فهناك من يتشدد متعللاً بحراسة العقيدة ، وهناك من يفرط بحجة حرية الفكر ،فتستغل الحرية في الترويج لأفكار مسمومة لإذكاء نار الفتنة ، وإيقاظ روح القطيعة، وإشاعة الفوضى في البلاد .
*
وإذا كان المشرع المصري يهدف بالتجريم الوارد في المادة 98 فقرة ( و ) من قانون العقوبات باستغلال الدين في ترويج أفكار متطرفة إلي حماية عدة مصالح وهي :- 1- حماية الوحدة الوطنية .
2- أمن واستقرار البلاد ضد إثارة الفتنة 3- التصدي ومنع تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها .
ولما كانت جريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة مبعثها أيديولوجي مناهض ، يتمثل في الرغبة في إعادة تنظيم المجتمع وفق مقتضيات تتطابق مع هذه الأيديولوجية ، وهي ذات أغراض مرحلية تبدأ من هدم الأسس التي تقوم عليها معتقدات المجتمع بالتشكيك فيها وإزاحتها ، وسحب هذه المعتقدات ، وإحلال أفكار أخري بديلة ، وتغيير الأوضاع وفقاً لرؤية مختلفة ذات أغراض مناهضة .
وفي الغالب تكون أغراض وأهداف هذه الجريمة خفية ، كما يكون الباعث عليها غير معلن ، ولذلك يلزم التدخل التشريعي لتعديل نص القانون بأن تكون الخطة التشريعية لمواجهة هذه الجريمة تعتمد علي التجريم التحوطي المسبق بوضع النموذج التجريمي لها في قالب الجريمة الشكلية ذات السلوك ؛ حيث تمثل فكرة الخطر فيها أساس التجريم ، ويتحدد مناط العقاب عليها عند مرحلة إمكان تعريض المصالح القانونية محل الحماية للضرر .
لذلك فالأجدر بالمشرع أن تكون هذه الجريمة في سياقها الطبيعي ضمن الباب الحادي عشر المتعلق بالجنح المتعلقة بالأديان ، ومن جهة أخري يجب ضبط صياغتها بجعل وسيلة الجريمة وهي استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة جريمة مستقلة بذاتها ، كما يجب تجريم أي تحقير وازدراء للدين أو المساس بثوابته بنص مستقل