كتبت – سماح عثمان
شهد العالم العربي أحداثا متسارعة ومتتالية منذ 2010 وحتى اليوم إذ تغير المشهد رأسا على عقب بمعظم الدول العربية بداية من تونس ومصر وليبيا وسوريا، وظهرت جماعات واختفت كيانات، وانهارت أنظمة وحكومات، وظل اللغز موجودا حتى فترة قريبة في الأطراف الخفية والأيدى السرية التى تتحكم في الأمور وتدير تلك الأحداث باحترافية، حتى ظهرت تسريبات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في عهد باراك أوباما والمرشحة الرئاسية الخاسرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
فالرئيس ترامب الذي تتقلص آماله في فترة رئاسية ثانية لتراجعه في استطلاعات الرأي أمام المرشح الديمقراطي، رأى أن تسريب “إيميلات” (رسائل) الوزيرة الديمقراطية الآن ربما يكسبه بعض النقاط في مواجهة خصمه بايدن الذي ينتمي للحزب الديمقراطي وترشحت منه هيلاري كلينتون سابقا.
تسريبات هيلاري كلينتون
وكشفت تلك التسريبات عن تفاصيل خطيرة بطلتها جماعة الإخوان الإرهابية،إذ تم تسريب تفاصيل العلاقة الثلاثية التى دارت بين هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية من جهة وقطر وجماعة الإخوان الإرهابية، خلال تولى هيلاري الخارجية الأمريكية في عهد عهد باراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق، في الفترة من 21 يناير 2009 حتى 1 فبراير 2013 ، وهى الفترة الحرجة للمنطقة، التى شهدت اندلاع الربيع العربي والتخطيط له.
كما استعرضت التسريبات تفاصيل زيارة سرية قامت هيلارى كلينتون إلى مقر قناة الجزيرة بقطر في مايو 2010 وحضرت عشاء خاص مع مدير الشبكة آنذاك “وضاح خنفر” ثم عقدت لقاء مع أعضاء مجلس إدارة القناة للاتفاق على إشعال الفتن في الدول العربية ودعم الشعوب العربية في مظاهرات تخريبية، إذ لعبت قناة الجزيرة دورا تحريضيا أثناء تغطية المظاهرات في الدول العربية وتضمنت هذه الاجتماعات لقاء مع رئيس الوزراء القطرى السابق حمد بن جاسم الثاني.
وبعد وصول الاخوان للحكم كشفت الوثائق عن بدء مفاوضات للاتفاق بين الإخوان وتحديدا ممثلهم خيرت الشاطر بضخ 100 مليون دولار لإنشاء مؤسسة إعلامية تقودها جماعة الإخوان في المنطقة وبرعاية هيلاري والإدارة الأمريكية، وكان سيقود المؤسسة وضاح بن خنفر، مدير شبكة الجزيرة السابق، وهو ما فشل بسبب نجاح ثورة 30 يونيو فى الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى وتنظيم الإخوان.
وكشفت الوثائق أن التدخل القطري في مصر تم برعاية أمريكية وذلك وفقا لإحدى الرسائل المسربة بين كلينتون ورئيس الوزراء القطري والاتفاق على تأسيس صندوق الاستثمار المصري الأمريكي بمشاركة قطر، وهو يمثل تمكين لجماعة الإخوان الإرهابية .
اقرأ أيضا في هذا الشأن:
وتضمنت الوثائق، أن تنفذ واشنطن صندوق الاستثمار المصري الأمريكي تحت مسمى توفير فرص العمل والمساهمة في توسيع قطاع الأعمال التجارية الصغيرة وبدعم مبلغ 60 مليون دولار، وحزمة مساعدات بـ 2 مليار دولار من قطر، لكن لم يحدث أى دعم للأعمال التجارية، ولا للمشروعات الصغيرة.
تسريبات هيلاري كلينتون
تقديم جهاز شرطة جديد بإدارة أمريكية
وكشفت الوثائق عن زيارة قامت بها هيلاري كلينتون للرئيس المعزول محمد مرسي وعرضت عليه تفكيك الشرطة على أن تتولى أمريكا تقديم شرطة جديدة لمصر تتولى زمام الأمور ويتم استقدام ضباط أمريكيين مقيمين بمصر تكون مهمتهم تدريب جهاز الشرطة ولكن قيام ثورة 30 يونيو أفشلت ذلك المخطط .
وفي رسالة أخرى مسربة كان هناك اجتماع مع ضابط بالاستخبارات المركزية الأمريكية ومدير الشعبة الأوروبية للعمليات السرية، وضابط أمريكي متقاعد ومحلل استخباراتي للأوضاع في الشرق الأوسط، حول الأزمة المصرية.
التسريبات: الجيش يريد الحفاظ على نفسه ومبارك لايريد الهروب
ووضع المجتمعون سيناريهات للتعامل مع الأزمة المصرية، وكانت الرسالة تنص على أن “الجيش يريد أن يحافظ على نفسه، مما يعني أن مبارك سيذهب، يريد (مبارك) الاستمرار لأسبوعين حتى لا يضطر إلى الفرار”.
وقال اثنان منهم إن الأوضاع في الإسكندرية والسويس أسوأ بكثير مما كانت عليه في القاهرة، فلا توجد شرطة، أو حكومة، أو قضاة، ومزيد من العنف، ومزيد من القتلى.
عمر سليمان سقط من حسابات مبارك قبل 25 يناير
وأشارت الرسالة إلى أن مدير المخابرات العامة المصرية السابق، عمر سليمان، سقط من حسابات مبارك في 2010 لسبب غير معروف، متوقعة أنه ربما يكون بسبب طموح ابنه جمال.
وأكدت أن سليمان تعرض لسوء المعاملة من قبل مبارك، وأنه وُعد بمنصب نائب الرئيس لمدة 15 عاما، لكنه وعد لم ينفذ أبدا، وأن مبارك كان يخشى أن يخلفه بدلا من جمال.
قمع الحشود يعني حمام دم غير مقبول للجيش
واعتبر التحليل أن ما يحدث في مصر ليس مجرد مجموعة من الشباب يلعبون بوسائل التواصل الاجتماعي كما صوَرت الصحافة الأمريكية،وأن الوضع يمكن أن يذهب في أي اتجاه. لكن قمع الحشود يعني حمام دم غير مقبول للجيش، بحسب الرسالة.
وقال التحليل إن “الجيش يعلم أن مبارك يجب أن يذهب، وإذا ظل لمدة أطول فإن الوضع يمكن أن يخرج عن السيطرة. هيئة الأركان يجب أن تقول له أن عليه أن يذهب، ورأى التحليل أن أفضل سيناريو لانتقال السلطة أن يصبح عمر سليمان رئيسا مؤقتا، لكن ذلك يمكن أن يكون خطرا.
وأكد التحليل أن كل يوم يبقى فيه مبارك تصبح احتمالات الكارثة أكبر، وأن فكرة دعم الإدارة الأمريكية لمبارك أصبحت من الماضي.
وتطرق المتحدثون إلى رؤيتهم للموقف قائلين إن الجيش يريد جنرالا عسكريا كرئيس للجمهورية، ومدني مثل البرادعي كرئيس للوزراء، واختتمت الرسالة بنظرة استشرافية لأفضل سيناريو لانتقال السلطة ،وهو أن يصبح عمر سليمان رئيسا مؤقتا للبلاد.
موقف جو بايدن من 25 يناير وتنحي مبارك
إحدى الرسائل البريدية المنشورة تلقتها هيلاري، في اليوم التالي على جمعة الغضب 28 يناير 2011 ، من مستشارها السياسي “سوليفان يعقوب” تتحدث عن أن الإدارة الأمريكية كانت تراقب الموقف، وأنها وقفت في المنتصف.
فمن جانب؛ كان نائب الرئيس أوباما حينها “جو بايدن” لا يرى مبارك ديكتاتورا، لكن هيلاري – في نفس الوقت – ترى أن قوات الأمن المصرية يجب ألا تستخدم العنف حيال المتظاهرين السلميين الذين من حقهم الحصول على الحقوق الإنسانية كاملة، مع التأكيد على أن رحيل مبارك من عدمه أمر يقرره المصريون.
عرض رئاسة الوزراء على البرادعي لتهدئة الشارع
في الثالث والعشرين من نوفمبر 2011 ورد “إيميل” بعنوان “عرض سري للبرادعي واتصالات بين مكتب الإرشاد والمجلس العسكري”، يشير الإيميل إلى أن المعلومات الواردة فيه تعود إلى مصادر وصفها بالعليا داخل جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن معلومات واردة من أجهزة أمنية واستخباراتية غربية.
وفي محادثة خاصة، صرح مرسي بأنه يشعر أنه يفقد السيطرة على الوضع السياسي ويخشى أنه إذا أدى القتال الحالي إلى مقتل دبلوماسيين أمريكيين أو أفراد أمن مصريين أو قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فإن الوضع قد يخرج عن السيطرة ويمكن أن تسقط حكومته.
وبحسب الرسالة، فإن مرسي والكتاتني قد تحدثا بشكل سري مع الرئيس الليبي محمد يوسف المقريف، واتفق الثلاثي على أن المسؤولين العسكريين والأمنيين في مصر وليبيا سيتعاونون في محاولة لتعقب الروابط بين أعمال العنف في ليبيا ومصر.