يتساءل الكثيرون ، لماذا لا تصنع الدول أموالًا كثيرة لتجعل مواطنيها أغنياء في بلدانهم أكثر غناءًا وثراءًا ، لذلك نقدم لكم كافة المعلومات التي تدل على خطورة أخذ هذه الخطوة ، والتي تؤدي بدورها إلى الفقر وليس الغناء.
مما لا شك فيه كثرة الأموال إذ تم طباعتها في أي بلد ما ، يُصعد هذا الأمر من عملية التضخم ، لتصبح العملة في أدنى قيمة لها على الإطلاق ، لذا ، فعملية طباعة الأموال تتم بعناية دقيقة وتحت دراسات مكثفة وفي السطور القليلة التالية، نرصد لكم خطورة الأمر.
حذر محللون ومختصون اقتصاديون ، من مخاطر طباعة الأموال وزيادة النقد الرخيص بالأسواق العالمية ، ما ينذر بارتفاع التضخّم وحدوث فقاعة مالية في أسواق السندات، ويحدّ من قدرة السياسات النقدية في السيطرة على تحجيم ضعف العملات.
المجر .. دولة تتحول إلى ماكينة طباعة كبيرةولكن تنهار
تعرضت المجر للتدمير الكلي خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في عام 1944 حين أصبحت ساحة معركة بين روسيا وألمانيا.
فقد دمرت 90% من الطاقة الصناعية للبلاد، كما تم تدمير معظم خطوط السكك الحديدية.
ولكن حتى الأصول التي لم يصبها ذلك الخراب إما تمت إعادتها إلى ألمانيا أو تم الاستيلاء عليها من قبل الروس ، وذلك بعد أن فقدت البلاد بنيتها التحتية الأساسية بالكامل .
حيث أرادت الحكومة أن تعيد بناء القدرة الإنتاجية المفقودة بسرعة وإعادة الناس إلى العمل، ولكنها لم تكن تستطيع ذلك ، ولكن فجأة قررت الحكومة طباعة المزيد من الأموال لسد ذلك العجز ، وطبعت الحكومة الأموال وأقرضتها بأسعار مخفضة إلى البنوك التي أقرضتها بدورها إلى الشركات.
كما قامت الحكومة بتعيين آلاف العمال وأعطت قروضا ميسرة للمستهلكين ، وأصبحت المجر غارقة بالأموال .
ففي عام 1945 أصبح إجمالي المتداول من العملة المجرية كان يقدر بنحو 25 مليار ، وبحلول يناير 1946 ارتفع حجم المعروض النقدي إلى 1.646 تريليون ، وبعد أربعة أشهر ارتفع حجم المعروض النقدي إلى 65 كوادريليون (مليون مليار) بنجو، قبل أن يصل إلى 47 سبتليون (تريليون تريليون) بنجو بحلول يوليومن نفس العام ، وفي هذا الوقت كانت الأسعار ترتفع بمعدل 150000% كل يوم ، كما توقفت الحكومة عن جمع الضرائب كلية، وكان تأخرها ليوم واحد في جمع الضرائب يقضي على قيمة تلك الأموال .
عواقب التضخم
اصبح هذا الثراء الفاحش يتحول الي عواقب قضت علي الدولة بأكملها ، ولكن هناك فئة دائما ما تكون في خط الدفاع عند انهيار الدول وهم العمال فهم من تحملوا نتيجتة قرارات الحكومة .
فالأجور الحقيقية انخفضت بأكثر من 80% نتيجة للتضخم، أما حاملو السندات الحكومية المجرية فقد خسروا كل أموالهم تقريباً .
لم تكن هذة القصة خاصة بدولة المجر فقط ، فهناك الكثير من الدول التي لجأت في مراحل مختلفة من تاريخها إلى طباعة الأموال بشكل لا يتناسب مع الحجم الفعلي للاقتصاد، مثل ألمانيا وبوليفيا ومؤخراً زيمبابوي.
الحجم الأمثل للأموال التي يمكن طباعتها
بشكل عام لا توجد هناك أي أنماط أو قيود محددة تنظم عملية طباعة الأموال ، ولكن نظرياً يجب أن تتناسب الأموال المطبوعة مع قيمة السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد ، فيجب أن يكون هناك توازن مثالي بين كمية الأموال المطبوعة وقيمة السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد ، وهذا هو السبب في أن البلدان التي تشهد اقتصاداتها توسعاً كبيراً تلجأ إلى طباعة المزيد من الأموال .
لذلك يجب على الحكومة توفير ما يكفي من العملة للمستهلكين حتى يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم ، وهذا ما يسمى بـ”العرض النقدي المتزايد” والذي ينبغي أن يتناسب مع الناتج الفعلي للاقتصاد .
والدرس المستفاد من كل هذه التجارب هو أن الطباعة غير المسؤولة للنقود تخلق مشاكل أكثر مما تحل ، وليس تخلق الثراء كما يعتقد البعض ، فالدول تبحث دائما عن تسيهل الأمور علي نفسها لكن تظل مشكلة الأموال مستمرة حتي نهاية العالم.