اللقيطة/ ورد لدار الإفتاء المصرية عبر صفحته الرسمية سؤالا مهما عن مبدأ الكفاءة في الزواج، حيث جاء في سؤال
«أنا شاب أبلغ من العمر 20 عامًا تقدمت لخطبة فتاة ذات دين وخلق كريم، إلا أن والدها أخبرني أنها لقيطة وأنه أحضرها من أحد الملاجئ وهي رضيعة، وأنا في حيرة لا أرى فيها عيبًا، ولا أريد أن أفرط فيها، وأخشى إن أخبرت والدي بذلك أن يرفض هذه الزوجة بحجة أن نسبها مجهول؛ فما حكم الشرع في ذلك؟».
إن اشتراط الكفاءة في النسب إنما يكون في الرجل لا المرأة؛ لأنه هو الذي يبتدئ التوجُّه إلى مَن يريد الزواج بها، فموافقته على عدم الكفاءة متحقق، أما المرأة فهي التي تحتاج للنظر في حال مَن يتقدم لخطبتها هل هو كفء لها أو لا.
اللقيطة
مجهولة النسب هي التي تولَّى تربيتَها غيرُ أهلها ولا يُعرَف لها أب ولا أم؛ قال العلامة الشرواني الشافعي في “حاشيته على تحفة المحتاج” (7/ 397، ط. المكتبة التجارية): [(قوله: أما مجهولة النسب) أي بأن لا يُعرَف أبوها، وانظر هل يمكن مع جهل أبيها معرفة أن فلانة أختها أو عمتها، وقد يدعي إمكان ذلك، وحينئذ تُقدَّم نحو أختها على نساء الأرحام.. سم على حج. وبقي ما لو لم يُعرَف لها أب ولا أم ولا غيرهما كاللقيطة.
والكفاءة في الزواج تعني: المساواة، والمماثلة، والمقاربة بين الزوج والزوجة في أمور منها: النسب، والحرية، والديانة (الخلق والتدين)، والحرفة.. إلخ.
اللقيطة
والغرض من اعتبار خصال الكفاءة التي منها النسب تحقيق المساواة في أمور اجتماعية من أجل توفير استقرار الحياة الزوجية، وتحقيق السعادة بين الزوجين؛ بحيث لا تُعَيَّر المرأة وأولياؤها بالزوج بحسب العرف، وعلى الرغم من ذلك فإن الفقهاء اختلفوا في تأثير هذه الغاية والغرض بحيث تصبح الكفاءة شرطًا في النكاح على رأيين:
أولهما: ما روي عن سفيان الثوري والحسن البصري وحماد، وابن حزم؛ وهو أن الكفاءة لا مدخل لها في شروط النكاح، فيصح النكاح ويلزم ولو انعدمت الكفاءة؛ قال الإمام البابرتي الحنفي في “العناية شرح الهداية” (3/ 295، ط. دار الفكر): [وكان سفيان الثوري يقول: (لا تعتبر الكفاءة فيه؛ لأن الناس سواسية)] اهـ.
ثانيهما: أن الكفاءة شرط معتبرٌ في النكاح، وهو ما عليه جمهور فقهاء المذاهب الأربعة.
اللقيطة
وقد استدل الجمهور على اشتراط الكفاءة عمومًا في النكاح بما رواه ابن ماجه والحاكم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ».
اقرأ أيضا: صبري عبادة لـ”أوان مصر”: لم أخطر بالتحقيق والإخوان أثاروا الفتنة داخل المسجد ولدي مستندات
ولا مانع من الزواج بهذه الفتاة، لا سيما إذا كانت صاحبةَ دينٍ وخُلُقٍ كريم، وهو ما قرره أكثر الفقهاء معيارًا لاختيار المرأة في النكاح، ولا يضرُّ كونها لقيطةً أو مجهولة النسب.