قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، بأننا ما زلنا في حاجة إلى نقلة نوعية في فهم الخطاب الديني وفي حسن عرضه وقراءة الواقع الذي نعيشه قراءة واعية تراعي مستجدات العصر في ضوء حرصنا على ثوابت الشرع ، رؤية تراعي بدقة بالغة ترتيب الأولويات ، وفقه الواقع والمتاح ، وفقه النوازل ، وفقه الموازنات ، تنطلق من فهم واع وعميق للقواعد الفقهية والأصولية ، وأسس الاستدلال والاستنباط وملكة الاجتهاد المبني على صحيح العلم وامتلاك أدواته ، القادر على الإقناع ومخاطبة العقل المعاصر بالحجة والبرهان ، الذي يدرك أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ، وأن المتعدي النفع مقدم على قاصر النفع ، وأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة ، وأن المفسدة اليسيرة قد تُحتمل لتحقيق المصلحة العظيمة ، فإن تكافأت المصلحة والمفسدة قُدّم درء المفسدة على جلب المصلحة ، وأن تحديد درجة المفسدة والمصلحة وترجيح جانب درء المفسدة على جانب جلب المصلحة أو العكس ( تقديم جانب جلب المصلحة على درء المفسدة ) هو اختصاص أهل الذكر والاختصاص في كل شيء ، ففي جانب الصحة تكون العبرة برأي أهل الطب ، وفِي جانب الأمن والسلامة تكون برأي أهلهما ، وهكذا في سائر الأمور ، وفي كثير منها يُبنى الرأي الشرعي على الرأي العلمي التخصصي ولا يسبقه، وتلك أمور دقيقة لا يدركها سوي أهل العلم الحقيقي والاختصاص الحقيقي ، غير أننا ابتلينا بأناس يخوضون في كل شيء ويتجرأون على الفتوى بغير علم ، فضلوا وأضلوا وحادوا عن سواء السبيل ، فالتدين المبني على جهل أو أهواء من أخطر الأدواء ، وإننا لفي حاجة إلى تدين مبني على العلم والعقل وإلى منطلقات أعمق في فهم الخطاب الديني العظيم فهما واعيا مستنيرا ، وقد قالوا : فقيه واحد أو عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، وقال الحسن البصري (رحمه الله) : إن قومًا طلبوا العبادة بدون علم فخرجوا على الناس بسيوفهم ( يعني الخوارج ) ولو طلبوا العلم لحجزهم عن ذلك.