رفع العالم الإسلامي، في الآونة الأخيرة، شعارًا “لأجل الإسلام ننسقي المُر”، وذلك على وزن مثل مصري عتيق: “لأجل الورد ينسقي العليق”، خاصة بعد التعرض لعددًا من الأحداث المؤسفة المهاجمة بكافة الطرق للإسلام وتعاليمه وثوابته، ومن أبرزها: “رسم الرسول (ص) برسومات مشينة، وحادث نيوزيلندا”، وآخرهم واقعة طرد الطالبة المسلمة لارتدائها الحجاب.
يبدو أن ظاهرة الإسلاموفوبيا، أصبحت داء ليس له دواء، فكلما هدأت الأمور واستكنت، جاءت حادثة تحيي هذه الظاهرة في العالم الغربي، ففي نهاية أسبوع مليء بالأحداث العالمية والمحلية البارزة، جاءت واقعة مؤسفة لتعكس مظهرًا من مظاهر الإسلاموفوبيا في إسبانيا.
فقد أصدرت إدارة مدرسة “الليسيه” الثانوية ببلدية “وادي الحجارة”، قرارًا بمنع طالبة مسلمة تبلغ من العمر 11 عامًا من ارتداء الحجاب أثناء تواجدها في المدرسة، مهددة إياها بعدم استكمال دراستها بالمدرسة في حال تمسكت بارتداء الحجاب.
ووفقًا للصحيفة الإسبانية “بريوديكو سي ال إم”، نظم عدد من المتضامنين مع الطالبة المسلمة وقفة احتجاجية بالقرب من المدرسة، رافعين لافتات وشعارات مناهضة للتمييز، مرددين عبارات مثل: “الحجاب يغطي الشعر لا العقل”، إلا أن هذه الاحتجاجات لم تنجح في إقناع المدرسة بالتراجع عن قرارها.
من جانبها، أعربت والدة الطالبة عن استيائها من قرار المدرسة، مؤكدة ارتداء ابنتها الحجاب بإرادتها، وأن تخليها عنه له آثار نفسية سيئة عليها.
الأزهر يدين الحادث
وأصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بيانا أوضح فيه أن يتابع تباعات الإجراء الذي اتخذته المدرسة الإسبانية، مشددا على خطورة مثل هذه القرارات على التعايش والاندماج الاجتماعي؛ موضحاً أن هذا القرار يعد شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز ضد المسلمين في المدارس التي تعد ركنًا أساسيًا في تنشئة الأجيال، ومما لاشك فيه أن الخلل الحاصل في توجه المدرسة له آثاره التربوية السلبية على هذه الأجيال فيما بعد.
“ساهمنا في كراهية هؤلاء الناس لنا كمسلمين”
من جهته أدانت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفقة المقارن في جامعة الأزهر، هذا الحادث، وقالت في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن تتعجب من تلك الإجراءات التي تصدر من مجتمع يدعي دائما الحرية وقبول الآخر.
وأضافت نصير، لقد ساهمنا في كراهية هؤلاء الناس لنا كمسلمين، بسبب الجماعات المتشددة ومن يواليها التي هي بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي وتعاليمه، وتابعت، الإسلام دين سماحة ويسر يحترم كل الاختلافات سواء في اللون أو العرق أو العقيدة او أي شئ أخر.
من جانيه قال الدكتور نبيل نعيم، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، والقيادي الجهادي السابق، أن مثل تلك الأفعال هي استكمالاً لممارسات استمرت لفترة كبيرة، بهدف التقليل من الحجاب أو الإسلام، مؤكدا أنها تمثل رفضا للإسلام وتعاليمه.
وأكد أن مثل تلك الأفعال لن تحدث تغيير في صورة الحجاب في البلاد الأوروبية، مضيفا كيف يمكن منع الحجاب في أوروبا التي يتواجد بها ملايين المسلمين، خاصة في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا نفسها، فإن نسبة المسلمين في القارة العجوز، هي ثاني أكبر نسبة بعد المسيحية.
الهدف من الإسلاموفوبيا
وأوضح أن تنظيم عدد من المتضامنين مع الطالبة المسلمة وقفة احتجاجية بالقرب من المدرسة، ستتبع باحتجاجات أخرى للضغط على على إدارة المدرسة، التي سوق تخضع، وتوقف هذا التعسف، واصفا هذا القرار بالغبي، ومتسائلا “لو هنالك فتاة دخلت بمايوه,, هيمنعوها.. لا أعتقد”.
وقال أن اختراع مصطلح الإسلاموفوبيا، جاء لتخويف الناس من الإسلام، مع ازدياد الملتحقين به، لأن أغلب الشعب الأوروربي الآن أصبخ لاديني، وهجر المسيحية، مؤكدا على أن تلك المواقف والقرارات ستفشل كما فشلت ممارسات مشابهة لها، لأن الحجاب في اضطراد مستمر داخل الأراضي الأوروبية.
ورأت آمنة نصير أن تلك الممارسات المناهضة للدين الإسلامي وتعاليمه، تعزز من الفكر المتطرف داخل أوروبا، التي تشكو من الإرهاب.
وأكدت أن أفضل الطرق لمحاربة الإسلاموفوبيا، أن نقدم الإسلام بما في الدين نفسه، وليس بما في عقول هؤلاء الخربة.
بينما ذهب نبيل نعيم إلى منشأ تلك الجماعات في الأصل داخل أوروبا، موضحاً أن الحكومات الأوروبية هي سبب انتشارها، فقد عمدت خلال الأعوام الماضية على تقديم الدعم لهم، من خلال اللجوء السياسي وإعطائهم جنسيات، مشددا “هما اللي صنعوا العفاريت وهما اللي يصرفوه”، مؤكدا على أن مثل تلك الأفعال تعزز من الفكر المتطرف والمتطرفين داخل أوروبا.