قالوا ما أبكاك.. قلْتُ ؟! تالله أبكاني ما أضحكني .. وضاع العُمر ما بين شتان .. يبعد بينهما ما يبعُد بين المشرق والمغرب !
وكأنني مزارعًا يرعى وردة في بُستان عثرتُ عليه في هجرٍ وعُزلةٍ دون سواها..
اسرعتُ في سُقياها ظنًا بأنني مفارقُها كما يُفارق المرء الحياة عن غير دراية ..
رآيتكُ غصنًا مُتشعبًا من فروع شجرة مائلة.. ورآيتُ فيكِ اعتدالًا وإن كذبت العينُ أو أخطأت الرؤى..
حملت أوراقها من الآثام ما حملت.. ومن الصوابِ ما حملت !
ولا يخرُج من القول ما كان هينِ لين ، إلا وكان وراءه عُصارة قلبٍ يحتضر !
أو فطرة يهبُها الله لمن يشاء من عباده.. لا عفوية عن عمد ..
إنها بلاغة قول .. ونزاع قلب.. واستغاثة روح .. إنهمرت حروفًا وسُطرت كلمات
وما البيان من القول إلا حكمة بالغة.. استئصلتُ بها ورمًا خبيثًا ، باح به القلمُ عما عجز اللسان عن النُطق به !
أما بعد..
حكمةٌ من العقل تُشير لظلام معتم دامسٍ دون منتهىٰ
لقد تآكل قلبي وبُريَ قلمي بحثا عن مفردات لتلك الرواية ولكن؟
ماذا عساي اأن اقول وقد خاطب العقل قلبي قائلاً
انظر آيها القلب ماذا ترى؟
فكان للعاطفة بصيص من نور، يمُدني بأملاً ان الكسر حتماً سوف يُجير
أيهما اتبع؟
وإني حقاً حائراً
لقد كان لنا في كل خطوة على أرض مدينتنا ذكرى دائماً ما أراها حينما اعبر صدفةً وأن لم اتعمد العبور جذبتني أماكن خطواتنا، واماكن جلوسنا.
وكلما وطأت قدماي تلك الأماكن التي تعطرت بأنفاسنا يأخذني الحنين تارة، ويكاد ينهي علي الحزن بغضبٍ شديد تارة آخرىٰ
انا حقاً متعباً.
ايها القلب انظر واقضي على ماتبقى مني كيفما شئت فإن ميزانك لم يكن اعتداله يوماً بيدي !
بعـضُ الأشـياءِ التـي لا تقـبلُ ابداً ان يتمَ عليـها التشبـيه ، رُبمـا تـكونُ أشـخاصً لا تـحتمل ان يُشبهُها احـد ولا تكـونَ جُـزءً مـن احـد .
أشـخاصٌ عـلى هيئـةِ قـدر، ولا يُمـكن للـقدر ان يُشـبه قـدر ، أو يـكونَ قـدرٍ آخـر
كُلمـا روادتُنـا أنفُـسُنا بـهاؤلاء الـذينَ لا يُشبِهـون احـد، انـدفع الأمـل يسكُننـا ويسـتعمرُ صـدورنا للـحظاتٍ مـن الزمـن، اذدادت شـدة تعـلُقنا بالحـياة ، وكـأننا نُـشبهُ اطـفالاً يـُمسكون بتـلك الدُميـة الـتي لا تغـفوا أعيُنِهم الا وهـي بإحضانهـم
مـن ثـُم يستحضُرنا الـواقع ليُرينا كـم هـي بائسـه حقيـقةٌ الحـياة بـدونهِـم ، ويـسألنا سؤالا مؤسفةً اجـابتُه،
“كـم كـبرنا وكـم بعُـدت المسـافات ، كـم كُـنا قريـبين وكـم أصـبح قـُربِنا مُـستحيل؟”
ربُـما يـزورُنـا طـيفهم لـنستمد بهـم قـوة نـواجهُ بهـا تلك الحيـاة ، وان نـشعر بواجب استمراريتها حـتى وان لم يـكونوا هـُنا.
هـل الشُـكر لهُـم لإنهُـم لـم يسمـحوا لتـلك الوحـدة الوحشـيه بـأن تغتالنـا بـعد رحيلـِهم، وزرعـوا بنـا نـواة خيـالٍ أنبـتت شجـرةً لـذكراهم امـتدت فروعُـها امـتداداً بأوردتِنـا ، تُـسقىٰ بـدمٍ مـنا ، تعـيش لطالما عـشنا ، تـكبر كُـلما كـبرنا ، تزدادُ تمـرُداً علينـا وتـقييدا لنـا ، ما اقسـى تلك النـواة ، مـا لتـلك الشـجرة الغـير قابـلة ان تُـثمر إلا ثـماراً مـخمورة، تمـتزجُ ثمارُهـا بحنـينٍ اخـذَ بمخمـورٍ الـىٰ الـهلاك.
“شُـكراً لهُـم تارة و عتبـانٍ عليهـِم تارة أخـرىٰ”
ام الشُـكر والعُتبـان لأنفُـسـنا وعلـيها ، التـي تستحضـرهُم بوحـيٍ من الخـيال لنـُصبر أنـُفسنا اسـتشعاراً بأن الحـياة لازالـت بخـير مـا مـن ألـمٍ بهـا ولا آنيـن لقـلبٍ شاكـياً بصـوتٍ غـير مسـموع ، هـذا الـشتات من إعصـار المشـاعر يُـشبه حـيرة ذلك القُـبطان الذي اخـذت سفينتـه أمـواج بحـرٍ غـاضب وأوشـكَ علـى الغـرق وافقـدَ مرسـاه ، واصبح ما بيـن غرقٍ حتـمي ونجـاةٍ مُـستحيله ، فـتوهـم مُـتمسكا بطـوق نجـاة وحـيد وهـو
“الأمـل”
نـحنُ حـقاً في هذه الحالـة نـكونُ أشـد قـوة، واهـونُ لـين، احـياءً امـوات، مـا تلك ثورة المشـاعر التـي يقودُهـا الـف قـائدٍ بـداخلـُنا، كـُلما اوشـكت بأن تسـتقر وتـهدأ، يُـحييها قـائدٌ أخـر عـلى رأيٍ مـُختلف مُتنـاقض، منـطقٌ لا يخضـعُ لعاطـفة، وعاطفـةٌ لا تخضـعُ لمنطق ، ما لـهذا الخاطـر الذي اجـتاح وجـداني لئـلا اعـبُرَ خـارج اقـطاره لتـستقر جوارحي
اسـتجيبي لي آيتها الحـياة ، اسـمعي لهـذا الصـوتُ المـكبوت ، استـجيبي لـتلك الرغـبة المُلحه بالبُـكاء، افيضـي علـي بأمـطارٍ من الـدموع ، أو لـطفاً بي
لـُطـفاً بنـا ايُـها الـقدر، لـُطـفاً بنـا آيتـُها الـحياة
لـُطـفـاً بنا آيتـُها المشـاعر وإن لـم تـلطـُف بـنا حياةٌ او قـدرٍ او بـشر.
“رسالة”
لا توعدوا احداً مالم يكن بمقدوركم الوفاء بالوعد
فإن الوعود يبنىٰ عليها احلامٍ وطموحات
ان انهار بُنيانها على صاحبها
مزق حُطامها الحُجب عن أعينه
أذ لا حسرة تنفع ولا إعتذارٍ يشفع !