23 يوليو “نقلت مصر من الملكية لـ الجمهورية”.. ثورة جاءت بإرادة شعب واحتفى بها وطن.. حكاية تاريخ أسقط الملك فاروق وأعلن محمد نجيب كأول رئيس جمهورية.. القاهرة تستعيد الذكرى 69 ليوليو المجيدة
ثورة 23 يوليو/ تسعة وستون عامًا على، ثورة 23 يوليو، 1952 تحتفل بها الجمهورية الجديدة غدًا بكافة الطوائف، تعاقبت على الثورة المجيدة أجيال خلف أجيال، ولكن الأجيال الجديدة للأسف لم تحظى بـ المعرفة الكافية عن الثورة المجيدة، نرجع إلى عهد المليكة قبل إعلان الجمهورية نرى الفساد العارم يضخ بكل قوة أرجاء مصر، نرى الموسيقى كانت تُعزف على نواصي الشوارع ونرى المصريين حُفاة، كان الإقتصاد المصري في حكم الملك فاروق، تابعًا للإحتكار والرأسمالية الاجنبية، ويسيطر عليه الملك وأعوانه، غير أن نسبة البطالة في مصر كانت تتزايد يوميًا بسبب الاضطهاد والعنصرية .
فـ بعد حرب 1948 وضياع فلسطين ظهر تنظيم، الضباط الأحرار، في الجيش المصري بزعامة اللواء محمد نجيب وقيادة البكباشي جمال عبد الناصر وفي 23 يوليو 1952 قامت ثورة عارمة بتنحيى الملك فاروق، ونجح الضباط الاحرار في السيطرة على الأمور والسيطرة على المرافق الحيوية في البلاد وأذاع البيان الأول” للثورة ” بصوت أنور السادات وأجبرت الحركة الملك على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952. ،ثورة 23 يوليو،
وشكل مجلس وصاية على العرش ولكن إدارة الامور كانت في يد مجلس قيادة الثورة، المشكل من 13 ضابط برئاسة محمد نجيب كانوا هم قيادة تنظيم الضباط الأحرار ثم الغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في 18 يونيو 1953. ،ثورة 23 يوليو
إجتماع الضباط الأحرار
اجتمعت اللجنة العليا للضباط الأحرار يوم 19 يوليو عام 1952، ولم يحضرها محمد نجيب حتى لا يلفت أنظار الجهات الأمنية، وكانت الخطة التي عرضت ونوقشت لاحقاً مع محمد نجيب تنص على قيام المجموعات بالتحرك للاستيلاء على قيادات الجيش، وأخذت الخطة تتوسع حتى تحولت إلى السيطرة على الهيئات الحكومية والإذاعة وتحولت لخطة انقلاب عسكري كامل. ،الضباط الاحرار،
كان من المقرر تنفيذ الخطة يوم 8 أغسطس، إلا أن مقابلة نجيب مع وزير الداخلية ساهمت في تطور الأحداث وتقرر التنفيذ في أيام 22 أو 23 يوليو، كان موعد التحرك قد تسرب، وتم إبلاغ “حيدر باشا”، بوجود تحركات من جانب الضباط الأحرار قبل ساعة الصفر، وقام اللواء حسن فريد رئيس أركان الجيش بعقد اجتماع في الساعة العاشرة مساءاً بحضور قيادات الجيش باستثناء اللواء محمد نجيب مدير سلاح المشاة لشكوكهم بأنه على صلة بهذا التنظيم، لكن محمد نجيب علم باجتماع القيادات هذا، وأصدر أوامره لعبد الحكيم عامر باعتقال جميع القادة الموجودين في الاجتماع. ،الضباط الاحرار،
قائد كتيبة المدفعية يعتقل القيادات
وحدث مالم يتوقعه البعض، إذ قام يوسف صديق قائد كتيبة المدفعية الأولى بالتحرك فعلياً، وقام باعتقال اثنين من القيادات، وأثناء تحرك قواته قابل عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكانا بملابس مدنية وعرف منهما تغيرات الخطة، فتوجهت القوات مباشرة نحو القيادة العامة للجيش، ومع توافد القوات تباعاً تم اعتقال باقي القيادات والسيطرة على الجيش، كان الاتفاق يقضي ببقاء محمد نجيب في منزله على أهبة الاستعداد لاتخاذ أي خطوات بديلة في حال فشل عملية السيطرة، وقام جمال حماد بالاتصال بنجيب ليخبره بنجاح العملية، حيث تم الاستيلاء على القيادة العامة، ومركز الاتصالات، وتحركت المدرعات ودخلت القاهرة، وانتقل اللواء محمد نجيب لمبنى القيادة العامة. ،الضباط الاحرار،
السادات يعلن عن الثورة المجيدة
وفي السابعة من صباح ذلك اليوم أذاع الصاغ “محمد أنور السادات” بياناً للشعب المصري أعلن فيه اندلاع حركة سلمية بدون دماء قامت بها القوات المسلحة من أجل الأمن القومي على أساس الشرعية الثورية، وتصدرت صورة اللواء محمد نجيب الصفحة الأولى لجريدة «المصري» وفوقها مانشيت: اللواء نجيب يقوم بحركة تطهيرية في الجيش. ، ثورة 23 يوليو،
كان الملك وقتها يقيم بـ “الإسكندرية”، وكان هناك رجال الوزارة الذين يسعون لأداء قسم الحكومة الجديدة برئاسة نجيب الهلالي، وعقب سماع البيان اعتقد الملك ورجال السياسة أنها حركة تطهيرية داخل الجيش، قامت وزارة نجيب الهلالي بالتواصل مع اللواء نجيب، والذي نقل له مطالب الحركة وهي: ،ثورة 23يوليو،
تكليف علي باشا ماهر بتشكيل الحكومة.
تعيين محمد نجيب قائداً عامًا للقوات المسلحة.
إبعاد الحاشية الملكية والمستشارين عن القصر الملكي.
جس نبض الملك
وكانت هذه المطالب مجرد جس نبض الملك والتعرف على وضعه الحالي، فيما إذا كان في موقف قوة أم ضعف، وكان سقوط قيادة الجيش وخضوعها تحت قيادة نجيب وسيطرة الجيش على أجهزة الدولة بالقاهرة قد حسم موازين القوة لصالحهم، خاصة بعد قيام العديد من الضباط بتأييد الحركة ولم يجد الملك سوى الرضوخ لمطالبهم، وكانت حركة الجيش تحظى بتأييد تنظيمات شعبية منها الإخوان المسلمون، وأستقالت حكومة نجيب الهلالي باشا وأصدر الملك قراره لعلي ماهر بتشكيل الحكومة الجديدة، وتم تعيين محمد نجيب قائداً عاماً للقوات المسلحة وتمت ترقيته إلى رتبة فريق. ،ثورة 23 يوليو،
قام تنظيم الضباط الأحرار بإرسال قوات لمحاصرة قصر الملك في الإسكندرية تمهيداً لعزله، كانت هذه التحركات تتم بحذر نظراً لأن قوات البحرية كانت لا تزال خاضعة للملك وكذلك قوات الحرس الملكي، كما قام مرتضى المراغي بالتلميح إلى نجيب بأن الملك فاروق قد يستعين بالقوات الإنجليزية المتواجدة في منطقة القناة، مما دفع ببعض القوات لمحاصرة طريق القاهرة السويس للتصدي لأي تحركات نحو القاهرة.
الأجانب خذلوا الملك فاروق
لم تثمر جهود الملك في الاستعانة بالبريطانيين أو الأمريكيين بأي نتيجة، وقامت حكومة علي ماهر بأداء القسم يوم 24 يوليو، ووصلت تشكيلات من الجيش الإسكندرية بدون أي مقاومة تذكر، كانت حركة الجيش لا يعرف أحد أهدافها في ذلك الوقت، وفي يوم 25 من يوليو قام محمد نجيب بإبلاغ على ماهر باشا بالإنذار بمطالب الجيش بتنازل الملك فاروق عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد الثاني وضرورة مغادرة البلاد قبل الساعة السادسة مساءاً، كان السفير الأمريكي منزعجاً في ذلك اليوم بعد تردد أنباء عن إطلاق نار على قصر رأس التين مما قد يمثل تصعيداً بالغا وتحديا سافر، إلا أن محمد نجيب أبلغ السفير الأمريكي بأن هذا نتج عن تصور خاطئ من قوات الحرس الملكي، وأن القوات المتواجدة في الأسكندرية مجرد إجراء روتيني لحفظ الأمن.
كان قصر رأس التين محاصرا، ووسط مخاوف من اندلاع اشتباكات قد تؤدي إلى حرب أهلية، وافق فاروق على المطالب لكونها ستحافظ على العرش في أسرته، وأخبر علي ماهر باشا بموافقته بشرط أن يصطحب معه زوجته وأبناءه وأن يتم توديعه بصورة تليق به كملك وأن تشترك الحكومة وقيادة الجيش في هذا التوديع، وأن تقوم بعض قطع الأسطول المصري بحراسة الباخرة التي سيستقلها حتى وصوله إلى إيطاليا، وقام عبد الرازق السنهوري رئيس مجلس الدولة بإعداد وثيقة التنازل عن العرش، وقام الملك فاروق بتوقيعها وتسليمها لعلي ماهر.
فاروق يغادر المحروسة
وفي المساء غادر الملك فاروق على متن سفينة المحروسة وكان في وداعه رجال الدولة وضباط من الجيش وأطلقت البحرية 21 طلقة وعزف السلام الملكي، كان محمد نجيب يريد أن يكون في صفوف المودعين إلا أن الحشود في الشوارع اعترضت طريقه وتأخر عن موعد وصوله، لكنه أصر على توديع الملك بنفسه وصعد نجيب مع زملاءه عل سطح المحروسة، وعقب مغادرة الملك أذيع البيان بشأن تنازل الملك عن العرش لولي عهده، وقيام محمد نجيب بالتنازل عن رتبة الفريق التي حصل عليها لعدم إرهاق الدولة بأعباء راتبه الجديد.
وعقب تنازل فاروق، شكل مجلس للوصاية برئاسة الأمير محمد عبد المنعم، وعضوية كل من: بهي الدين بركات باشا والقائممقام رشاد مهنا، صدرت خلال هذه الفترة عدة تشريعات ومنها إلغاء الألقاب المدنية. وبعد مرور 50 يوم ونتيجة للتصادم مع مجلس قيادة الثورة قدمت وزارة علي ماهر استقالتها، وشكلت وزارة جديدة برئاسة محمد نجيب ليكون أول رئيس وزراء غير مدني، وفي 9 سبتمبر أصدرت وزارة نجيب قانون الإصلاح الزراعي، وفي 21 صدر قانون تحديد الملكية الزراعية ثم قانون تنظيم الأحزاب، ثم في 10 ديسمبر عام 1952 صدر قرار بإلغاء دستور 1923 وصدور مرسوم بحل الأحزاب السياسية، وفي يناير 1953 تم تشكيل لجنة لصياغة الدستور مكونة من 50 عضواً برئاسة علي ماهر، وصدر دستور مؤقت في فبراير 1953 ينص على سلطات واضحة لمجلس قيادة الثورة.
مظاهرات كفر الدوار
وفي أغسطس 1952 إندلعت مظاهرات عارمة في شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار للمطالبة بحقوق العمال، وبعد أحداث شغب وإشعال بعض العمال النار في سيارات الشركة حدثت اشتباكات بين رجال الشرطة والمتظاهرين تدخلت بعض قوات الجيش، وأسفرت الأحداث عن مصرع 8 جنود و5 من العمال وإصابة 28.
وجعلت هذه الأحداث الجيش يقوم باتخاذ إجراءات أكثر قسوة فقام بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الشيوعيين، وتشكلت محاكمات عسكرية في كفر الدوار برئاسة البكباشي عبد المنعم أمين وأصدرت المحكمة حكمها بالإعدام على كل من: مصطفى خميس ومحمد حسن البقري وصدرت أحكام بالسجن لنحو 11 شخصاً وسط شكوك في نزاهة المحكمة، كان نجيب مترددا في التصديق على الحكم، وطالب مقابلة مصطفى خميس للإفصاح عن أعوانه لكنه رفض، وصدق نجيب على حكم الإعدام الذي تم تنفيذه في 7 سبتمبر 1952.
قال نجيب في مذكراته «إنني التقيت بهما وكنت مقتنعا ببرائتهما بل وكنت معجبا بشجاعتهما ولكن صدقت على حكم إعدامهما تحت ضغط وزير الداخلية – جمال عبد الناصر – لمنع تكرار مثل هذه الأحداث». أثارت هذه المحاكمة كثيراً من ردود الأفعال المحلية والدولية في ذلك الوقت، وأدت إلى اهتزاز صورة الجيش والحركة المباركة التي حظيت بتأييد شعبي واسع.
محمد نجيب أول رئيس للجمهورية
توج محمد نجيب أول رئيس للجمهورية، بعد إنهيار عرش الملك فاروق، وإعلان الجمهورية، ويعد قائد ثورة 23 يوليو 1952، وكانت بداية معرفة محمد نجيب بـ الجيش المصري في أثناء مشاركته في حرب 1948، وعلى الرغم من أنه كان (عميدًا) في هذا الوقت، ولكنه كان على رأس صفوف الحرب.
عاد محمد نجيب إلى القاهرة قائدًا لـ مدرسة الضباط العظام، وتيقن أن العدو الرئيسي ليس في اليهود فقط، وكان دائمًا يؤكد على أن المعركة الحقيقة ليست في فلسطين ولكن المعركة الكبرى في مصر، ولا يتردد أن يقول هذا الكلام أمام من يثق فيهم من الضباط، ويبدو أن كلام محمد نجيب، عن الفساد في القاهرة قد أثر فيه فذهب إلى صديقه جمال عبد الناصر، وقال له كما روى عامر لنجيب بعد ذلك: لقد عثرت في اللواء محمد نجيب على كنز عظيم.
كان جمال عبد الناصر قد بدأ في تشكيل تنظيم الضباط الأحرار منذ عام 1949، حيث تسببت هزيمة فلسطين في بث حالة من السخط والرغبة في القضاء على الإقطاع والفساد الداخلي وإنشاء جيش قوي، مع الالتزام في نظامه بالسرية المطلقة، كان التنظيم يريد ان يقوده أحد الضباط الكبار لكي يحصل التنظيم على تأييد باقي الضباط، وبالفعل عرض عبد الناصر الأمر على محمد نجيب فوافق على الفور. ،ثورة 23 يوليو،
إعلان الجمهورية
بالرغم من المشاكل والأحداث التي تعرض لها التنظيم في الشهور التي تلت ثورة يوليو، خاصة مع وجود خلافات داخل صفوف الجيش، إلا أن مجلس قيادة الثورة قد اكتسب قوة كبيرة جعلته يتحكم في مقاليد الأمور، خاصة مع عدم وجود معارضة قوية في ذلك الوقت، وفي 18 يونيو 1953 تم إعلان قيام الجمهورية وإلغاء الملكية في مصر، وتم اختيار محمد نجيب كرئيس للجمهورية والذي احتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء مع تخليه عن منصب وزير الحربية وقيادة الجيش. ،ثورة 24 يوليو،