كتبت – سماح عثمان
بلاغ اقتاد موظفي الصرف الصحي لحل مشكلة بمنطقة أبو النمرس، ولكن الصدفة كشفت وجود حفر وتنقيب تحت أحد المنازل بغرض البحث عن الآثار ، قام الموظفون بإبلاغ الشرطة على الفور التي انتقلت لمحل الواقعة وتم ضبط صاحب المنزل الذي اعترف بالتنقيب وأرشد عن معاونيه.
كما تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 16 شخصًا حال قيامهم بالحفر والتنقيب عن الآثار بمسكن أحدهم مركز طامية بمحافظة الفيوم.
وعثرت الأجهزة الأمنية على حفرة بعمق 10 أمتار، وتنتهي بسرداب بطول حوالى 20 مترًا، كما تم ضبط الأدوات المستخدمة في الحفر والتنقيب، واعترفوا بارتكاب الواقعة بقصد التنقيب عن الآثار.
هذه ليست بأنباء جديدة بل اعتاد معظمنا على سماعها في نشرات الأخبار وحتى جلسات المقاهي، وتلاحظ من خلال البحث أن عمليات التنقيب تكثر في الأماكن القديمة وبها مواقع أثرية كالمنطقة الملاصقة للأهرامات والقلعة وفي سقارة وغيرها من المناطق الأثرية.
ونظرًا لقدم المدينة بالتزامن مع انتشار هوس التنقيب عن الاثار الفرعونية حلمًا بتحقيق الثراء السريع، تحولت المدن القديمة إلى سراديب وأنفاق، لتنتشر بعدها الشائعات حول عثور الاهالي علي آثار فرعونية مع ظهور علامات الثراء السريع علي بعضهم مما يؤكد صدق تلك الشائعات وكذب بعضها الاخر.
التنقيب عن الآثار داخل أرض القمر بالمنوفية
“البلد اتغير حالها والكل يبحث عن الاثار”، بتلك العبارة بدأ ” محمد زكريا” حديثه، قائلاً : قبل عدة سنوات واثناء هدم منزل قريب من مسجد العمري بالمنوفية والمعروف بين الأهالي باسم “المسجد الكبير” أشيع بين الأهالي خبر عثور المواطن صاحب المنزل علي قطع أثرية عبارة عن هرم ذهبي صغير الحجم وبعض التماثيل الحجرية، وتم تداول الرواية بين الأهالي حتى أصبحت حقيقة، ومنذ ذلك الحين واشتهرت تلك المنطقة باحتواءها على آثار فرعونية ولكن لم يتم إثبات الأمر بشكل لا يقبل الشك، وما حدث هو ارتفاع مجنون في أسعار العقارات بتلك المنطقة.
وتابع هنداوي، في قري اشمون خاصة “سماودن وطاليا والبرانية” ازدهرت عمليات التنقيب عن الآثار بين عدد من المواطنين، بعدما انتشرت عمليات النصب علي يد دجالين محتالين هم بالأساس مجموعة من العاطلين عن العمل لكن اتخذوا من السحر والشعوذة وسيلة للكسب السريع، وأوهموا الأهالي بقدرتهم علي استخراج الكنوز من الأرض، مستغلين حالات الحرائق التي تحدث بين الوقت والاخر وبشكل مفاجيء وربط تلك الحوادث بما يعرف باسم “الرصد الفرعوني” الذي لا يتحمل درجات الحرارة ومن ثم يتسبب في اندلاع الحريق داخل المنازل.
ارتفاع أسعار المنازل بالبدرشين بسبب شائعات وجود آثار
وفي البدرشين وتحديدا في منطقة تل العزيز قال “رضا شلبي”، قام بعض الأفراد داخل القرية بالفعل بالتنقيب عن الآثار وحفروا آبار إمتد بعضها لعمق 13 متر واستعملوا ماكينات لسحب المياة وصرفها بالأراضي الزراعية، وقد خسروا كل ما يملكون دون العثور علي شيء، وما لاحظته هو اختلاق أحد سكان القرية شائعة بوجود آثار تحت منزله مستعيناً بأحد الدجالين النصابين لتنتشر الشائعة بقوة في البلد ليتنافس الناس على شراء المنزل بأعلى سعر وفي النهاية يكتشف المشتري أنها أكذوبة ليخسر صاحب المال “تحويشة العمر” في منزل لايساوي ربع الثمن .
بيع المنازل بآثارها الفرعونية “اخر حيل النصابين”
علي الجانب الآخر، رصدنا واقعة أخرى ناتجة عن الصيت الواسع الذي تمتعت به المدينة علي خلفية الشائعات التي أطلقها الأهالي، وهي اللجوء لبيع منازلهم بالقرب من المناطق التي يشاع عنها احتواءها علي آثار فرعونية بعد الإستعانة بمروجي الشائعات، ممن يجيدون فن بيع المنازل بأضعاف مضاعفة أسعارها الحقيقية.
“محمود صفوت” أحد ابناء البدرشين يروي تجربته مع تلك الحيلة، قائلاً : بعض المناطق داخل المدينة وصل بها سعر المتر إلى ألف جنيه في حين السعر السوقي لا يتجاوز ربع السعر، وحينما سألت عن الأمر وجدت أن الأسعار زادت لسببين، الأول وجود تلك الأراضي ضمن حيز سوقي يجعلها تصل لذلك الرقم، الثاني نشر شائعات حول بعض المناطق احتواءها على آثار، وبالتالي النصب علي المواطنين الحالمين بالثراء السريع وإقناعهم عن طريق شيوخ دجالين بأن الأرض تحتوي على آثار فرعونية والمبلغ الذي يدفعه سيرد إليه أضعاف مضاعفة.
أثري: كل ماهو في باطن الأرض تملكه الدولة
من جانبه، يؤكد الخبير الأثري “محمد عزوز” أن كل ما يشيعه الأهالي عن وجود مقابر فرعونية ما هي إلا شائعات لا تصل إلى نسبة من الحقيقة.
وتابع عزوز، أراضي مصر كلها أثرية ما لم يثبت العكس، وبالتالي فإن باطن الأرض وما يحويه الجهة المالكة الوحيدة له هو الشعب المصري سواء الجيل الحالي أو الأجيال اللاحقة، أما هذه الادعاءات بالملكية فإنها غير صحيحة تماما، فهل معنى ذلك، أن أي شخص يعثر على البترول أو الغاز في أرضه أو أسفل منزله يعد ذلك مبررا لملكيته”.