حصل أوان مصر علي حيثيات الحكم بالمؤبد والمشدد في قضية داعش إمبابة
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها: بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة وأقوال المتهمين الحاضرين وسماع شهود الإثبات والشهود الذين استدعتهم المحكمة وسماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا، وحيث إن وقائع هذه الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة، واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق، وما حوته من استدلالات وتحقيقات، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة، تتحصل في أنه ومنذ عشرات السنين حاول أصحاب التيارات الضبابية المضللة، والمصالح الشخصية الممنهجة، الوصول لأهدافهم الخفية، فلم يجدوا سبيلاً غير سبيل التستر بالدين، والتحلي بصفات الواعظين، فأطلوا على المجتمع في ثياب الناصح الأمين، وادّعوا أنهم أرباب فتوى ودين، وفكر دعوي يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، واستعرضوا ما يزعمون أنه نهجهم المبين، من أجل إعلاء كلمتي الحق والدين، نهج يهدي إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار، وسعوا للسيطرة على عقول من استحسن قولهم وانخدع بمعسول حديثهم، فاستقطبوا فكرهم، وسكروا أبصارهم، وغشوا قلوبهم، فبايعوهم على السمع والطاعة وانساقوا خلفهم عمين، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون.
وأشارت المحكمة بادئ ذي بدء إلى أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الأثبات وأن يأخذ بأية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي أعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
وفي الختام، يبقى للمحكمة أن تقول لمن قضت ببراءتهم وهم بفكر تنظيم داعش مهتدون، أنكم كنتم على أعتاب الهاوية لولا فضلُ من الله ورحمة، فلا يغرنكم ظاهر القول منهم ما لم يصدقه العمل، فمن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام فراية الإسلام تأبى أن يرفعها قاتل أو سافك دماء، ونُصرة الدين لا تتأتى على حساب قتل المسلمين للمسلمين، بل واستباحة دماء الأخرين، ومن قال أن اثارة الفزع والرعب بين الآمنيين يُرضي الله رب العالمين، فلا يخدعنكم قول الحق في العَلنِ فالناس في السر غير الناس في العَلنِ، فلا يغرنكم قوم رفعوا شعار الدين، وألصقوا الكفر بالأخرين، فما هي إلا ذريعتهم لهدم أنظمة الدول وقتل التابعين، بزعم أنهم حماة الدين الذين أختصهم الله برفع الدنس عن بلاد المسلمين ، ونسوا أو تناسوا (لوكانوا يعلمون) قوله تعالى في كتابه الكريم “ومَنَ كَفَرَ فَلَا يَحزُنكَ كُفرُهُ إِلَينَا مَرجِعُهُم فَنُنَبِئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنً اَللًهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُدُورِ ” وقال أيضاً جل في علاه ” وَلـو شِئنَا لَأَتَينَا كُلً نَفسٍ هُدَاهَا وَلَكِن حَقً القَولُ مِنى لَأَملَأَنً جَهَنًمَ مِنَ الجِنًةِ وَالنًاسِ أَجمَعِينَ ” فما كان الله ليعجزه أن يُلهم كل نفس هُداها، ولكن لحكمة تغياها ِألهمها فجورها وتقواها ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فلو كان لهذا التنظيم في رسول الله أسوة حسنة لأهتدوا بهديه وأتبعوا سنته وأفشوا السلام بين الناس وكان أمرهم شورى بينهم، فيا من زالت عناية الله تحفظه، فمن ذا الذي لو زالت عناية الله يحفظه.