كثيرون هم هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون ويكذبون كما يتنفسون ويتحركون بين الناس ليفسدوا في الأرض ويظنون أنهم مصلحون ! تجد أحدهم يقسم بأغلظ الأيمان أنه يعشق
تراب هذا الوطن وأنه مستعد لبذل الغالي والنفيس من أجل رفعته ورفع اسمه عاليا بين العالمين ومع أول اختبار يسقط في وحل المصلحة الشخصية والمكاسب الرخيصة ، وتجد آخر يرفع شعارات الحرية والديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية أمام الكاميرات ليحجز له مكانا بين المؤلفة قلوبهم وهو بلا وزن على جميع المستويات المهنية والاخلاقية ، وتجد ثالث يقف في المنطقة الرمادية يتحرك خطوة للأمام وخطوتين إلى الخلف ، ينتظر رسو السفينة على أي مرفأ لينطلق في وصلات مدح وذم متداخلة لا تعرف إن كان مع او ضد ! سعيد أم حزين ! مؤيد أم معارض ! هو لا يستطيع أن يعيش إلا في المنطقة الرمادية ولا يتحدث إلا بلغة رمادية ولا يرتدي إلا الألوان الرمادية ، وهناك من يقف على ناصية مصلحته الشخصية وأينما تحققت وضع سجادة الصلاة واستقبل قبلة غير قبلتنا وصلى صلاة ليست كصلاتنا ، وهناك من يدافع عن الدولة بقدر ما يستفيد من الدولة ويتعامل مع الوطن على أنه فندق إذا شاءت فيه الخدمة غادر باحثا عن فندق جديد ، كل هذه النماذج تقابلها كل يوم وتضطر الى التعامل معها كنوع من التغافل وتكبير الدماغ وعدم الوقوع في فخ الجنون ، لكن ما يبدد هذا الصبر وينزع غطاء الحكمة هو ما يظنه هؤلاء عن أنفسهم ، والطريقة التي يتحدثون بها عن فتوحاتهم ووطنيتهم وتاريخهم ، إنهم كمن يختبؤون خلف أصابعهم وهم عرايا أمام الناس ويظنون أنهم بعيدين عن أعين الناس .