عندما نتحدث عن الترابط الاُسري، وعن المحبة والتضحية، فيجب ذكر «عم ناصر»، ابن منطقة العباسية، الرجل الذي ترك مهنته ليجمع إخوته، فمنذ الصغر كان يحب العمل، ولده توفى وهو في سن السابعة من عمره، وقفت والدته بجواره وكانت سنداً له، محطات مأسوية مرَ بها، ولكنه حول هذه اللحظات لـ مشوار كفاح يحكي عنه الجميع.
سعى وراء رزقه، وخلف الشئ الذي يريده، ومن كانت لديه القدرة على العمل الشريف لا يتأخر، فقد ظل “ناصر محمود”، يعمل بالتدريس لـ فترة طويلة، قرابة الـ 10 سنوات، ولكنه قرر أن يتركها وأن يتفرغ للعمل داخل محل “الطرشي”، قصة قد تكاد لا تعقل، ولكنه اراد أن يحيي تراث أجداده، ويسعى على نفس النهج الذي اتبعوه.
لم يستطيع التوفيق بين التدريس والمحل
فيحكي “ناصر” لـ “أوان مصر“، انني كنت أعمل في مجال التدريس فترة طويلة قرابة العشر سنوات، ولكنني قررت أن أتفرغ لـ عملى بـ محل “الطرشي”، الذي ورثته عن والدتي، وتركت مجال التدريس من أجل الترابط الاسري، وصلة الرحم بيني وبين اخوتي.
وأكمل، منذ الصغر وأنا اُحب ذلك، وكانت والدتي تعمل ايضًا، في نفس المهنة “الطرشي”، وكانت تشجعني على العمل منذ الصغر، وعندما تخرجت من الجامعة عملت، في مجال التدريس وكنت اخصائي نفسي، ولكنني تعبت، ولم استطيع التوفيق بين وقتي في المحل، وبين وقتي في المدرسة، لذلك تركت مهنة التدريس.
اُعلم المهنة لأبنائي
واستطرد، اريد أن أكون بجوار اخوتي، لا استطيع تركهم وهذه كانت وصية والدتي، التي تغلبت على الحياة لكي تربينا، لأن والدي توفى وأنا في سن السابعة من عمري، فكانت الوصية في ذهني وبين مسمعي، واردت ان احققها، لكي يرتاح قلبها، وبالفعل حققتها، وحفظت على المحل، وليس ذلك فقط، بل اشتريت محل بجواره، وطموحي أن يكونوا سلسلة كبيرة من المحلات.
وتابع، اُعلم هذه المهنة “الطرشي”، لإبني ايضًا، لكي يظل المحل مفتوحًا من بعدي، وقد اوصيته بذلك وعلى أمل أن ينفذ وصيتي، اشعر بوقفتي بالمحل أنها ترد لي الروح مرة اُخرى، وترجعني للحياة كثيرًا، وتفكرني بذكرياتي “زمان”، لذلك احب أن أقف بالمحل دومًا، ارتبط بيه كثيرًا.
اشتغل في المهنة حبًا فيها
وأضاف، عندما فكرت في أن اترك التدريس كان قرارًا ليس صعبًا بالنسبة لي، اخذتي قراري وفعلتها، اينعم تلقيت عتابًا كثيرًا من الاهل والاصدقاء ولكني كنت لا اُبالي نفذت الشئ الذي كنت اراه صحيحًا، من وجهة نظري، وبالفعل أنا الآن أفضل من ما كنت عليه سابقًا، وكملت في هذه المهنة “الطرشي”، حبًا فيها وأن اكون قريبًا من إخوتي.
واستطرد، إلى أن التعليم في الزمن الماضي كان أفضل مما عليه الآن، لأن في السنوات السابقة كانت الاساتذة بتعمل بكل جد، ولكن الآن بسيط من يعمل في المدرسة، وكلًا يعتمد على الدروس الخصوصية، وهذه تُعد كارثة بالنسبة للطلاب، ويهلك الاُسرى المصرية.
ابدع في المهنة وتغلب على أصحاب المصانع
واشار إلى أنه يتفوق في تلك المهنة وبكل جدارة، بسبب عمله اخصائي نفسي، يستطيع أن يقنع “الزبون”، بأخذ ما يريد أن يعطيه له، ولهذا ابدع في هذه المهنة عن غيري الذين يمتلكون مصانع ضخمة، وإمكانيات حديثة، وأن كثيرًا من “الزبائن”، اصبحت تمل من المخلل الذي توجد عليه الوان صناعية، لذلك أنا لا أضع هذه الالوان الصناعية.
وأكد على أنه، يُخلل “الطرشي” في المحل، بـ مياه وملح فقط، ويتركه وإذا آتى “زبون”، يضع عليه توابل خفيفة فقط، بتعطيه طعم، وأن التخليل يختلف من مكان لـ مكان، بحسب ما يضعوه في “المخلل”، ولكنني اُسير على نظام “التخليل” القديم.
وينصح الشباب الجالسين في منازلهم، منتظرين أن يأتي لهم العمل المناسب، يجب أن يتركوا المنزل ويبحثوا عن العمل، وبعد ذلك يأتي لك العمل الذي تريده، مؤكدًا أن العمل متواجد وبكثرا، ولكن الجميع يستستهل ويجلس في منزله، ويتقاعس أن ينزل ويبحث، وهذا خطئًا كبيرًا.