كتب/ خلود عبدالمطلب
شاهداً على تاريخ مكتوباً بالدماء، حربٌ طاحنة فى كل بقاع الأرض ريحة الموت تجوب الشوارع وكل شيئاً اتشح بالسواد، أحجار حفر عليها أسماء جنود ضحايا للحرب العالمية الاولي والثانية، ملايين المقابر حول العالم احتوت على رفات جنود الحرب دون تميز أو تفرقة بين الأديان، وكأنها اتفقت على السلام الذى لم تراه فى حياتهم.
“مقابر الكومنولث” بناها أشهر المهندسين فى ذلك الوقت، وهى المقابر الوحيدة التى دفن فيها المسلم بجوار المسيحى واليهودى، محفور عليها اسم الجندى وعلامة ترمز لديانته من نجمة داوود أو الصليب أو الأية القرآنية والهلال، بالإضافة إلى تاريخ الوفاة وعمر المتوفى وعمله الغير عسكرى ونبذه عن عائلته وكأنها مدونة تعريفية له تقديراً لتضحيته بعمره فى الحرب، وذلك للتأكيد أن الكل يستحق معاملة متساوية دون تفرقة عنصرية.
وكان لمصر نصيباً من وجود تلك المقابر والنصب التذكارية للحروب العالمية، حيث يوجد فى مصر 16 مقبرة بـ 7 محافظات، ففى محافظة القاهرة توجد مقبرتي مصر الجديدة وصلاح سالم، والتي تأسست فى عام 1941 م وصممها المعمارى الإنجليزى “ج.هبرت ورث ينكتون” وتزينها الورود الداكنة وتصطف الورود حول كل مقبرة، وأثناء دخولها يقف تمثالاً محفوراً عليه “أسمائهم ستخلد إلى الأبد”.
أما محافظة الإسكندرية كان نصيبها أكبر فى عدد المقابر فيوجد بها 3 مقابر بمناطق الحضرة والشاطبي والمنارة، فكانت مدينة الإسكندرية أثناء الحرب العالمة الأولى بمثابة مستشفى الحرب بالبحر الأبيض المتوسط، وكان هناك عدد من ضحايا الحرب وتتطلب الأمر إنشاء وبناء مقابر تضم رفات القتلى، فأقيمت أول مقابر لجنود الحرب بمنطقة الشاطبي وأيضاً فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد أن أصبحت عروس البحر المتوسط أكبر قاعدة عسكرية للأسطول البريطانى فى البحر المتوسط وتعرضت لغارات الإيطاليين والألمان، فذهب ضحاياه عدد من جنود الكومنولث، فعادوا مرة ثانية لدفن الضحايا بالإسكندرية واضطروا إلى بناء مقابر أخرى بمنطقتي الحضرة والمنارة.
وبمظهر الهيبة وجمال الهيئة تأتى مقبرتي محافظة بورسعيد لتروى لنا قصص وحكايات استوطنتها الحروب، أما محافظة الإسماعيلية كان لها النصيب الأكبر من مقابر الكومنولث فبها 5 مقابر بمدينة الإسماعيلية والتل الكبير والقناطر شرق وفايد ومعسكر الجلاء ، وبمحافظة مرسى مطروح بها مقبرة واحدة بالسلوم، أما عن محافظة السويس فتعتبر مقبرة الكومنولث من أشهر معالمها، كما هناك مقبرة واحده بمحافظة أسوان.
أما حول العالم فهناك ٢٣ ألف موقع دفن ب١٥٠ دولة حول العالم لمقابر الكومنولث، ودفن مليون و ١٤٠ ألف جندى بتلك المقابر.