برجاء التكرم ببيان الحكم الشرعى فى القيام بتهذيب أشجار الزينة فى بعض الحدائق العامة على أشكال تحاكى بعض الحيوانات، كالدببة، أو الفيلة، أو بعض الطيور، أو بعض الشخصيات الكرتونية التى تظهر ملامح الوجه الإنساني؛ فهل هذا جائز؟.. سؤال ورد لدار الإفتاء وأجاب عنه مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، وأعيد نشره بموقع دار الافتاء، وجاء رد المفتى: تهذيب أشجار الزينة على صورة تحاكى بعض صور الحيوانات أو بعض الشخصيات الكرتونية بحيث تبدو وكأنها جسمًا لما مثلت به، ليست من قبيل التجسيم والتمثيل المنهى عنه شرعًا.
فالتماثيل: جمع تمثال، والتمثال فى اللغة: هو ما جُعِل على نظير مثال سابق، يقال: مثلت الشيء؛ أي: جعلت له مثالًا أو تمثالًا،قال الإمام أبو منصور الأزهرى فى “تهذيب اللغة” والتمثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهًا بخلق من خلق الله، وجمعه: التماثيل، وأصله من: مثّلت الشيء بالشيء، إذا قدَّرته على قدره، ويكون تمثيل الشيء بالشيء تشبيها له، واسم ذلك الممثل: تمثال.
والتمثال المجسم الذى يصح عليه لفظ تمثال هو ما لا وجود لمحله بدونه، والممتد فى الأبعاد الثلاثة، المصنوع من مادة صلبة؛ كالحجر، أو الخشب، أو الذهب، أو الفضة.
وجعل الأشجار كهيئة الصور المجسمة لا يخرجها عن كونها أشجارًا تحتاج للرعاية والسقاية ومداومة التهذيب، لتظل مخضرة مورقة، كما أنه لا يدخلها فى التجسيم والتمثيل المنهى عنه: فإن التمثال حقيقةً: هو ما يصنع من مادةٍ صلبةٍ، ويشغل حيزًا من الفراغ، وتصوير الأشجار بهذه الصور وإن استُخدم فيه بعضُ الأخشاب أو المواد الصلبة إلا أنه لا يخلو من التجويف والفراغ بين أركانها، ولا يخرجها عن الهيئة الشجرية لها، فلا تكون تمثالًا فى هيئتها ولا فى مادتها.
وقد أجاز جماعة من الفقهاء المحققين اتخاذَ التماثيل إذا لم يقصد بها العبادة، ونصوا على أن تحريم التماثيل الوارد فى الشرع إنما جاء سدًّا لذريعة عبادتها، وحسمًا لمادة تقديسها، فأما المجسمات على صور الحيوانات والبشر التى لا تُتَّخَذُ للعبادة فلا تحرم، فالنهى عن اتخاذ التصاوير والتماثيل التى على هيئة ذوات الروح وعن صناعتها، لم يكن لكونها محرمة فى ذاتها، بل لما ارتبط بها فى الجاهلية من العبادة، فإذا زالت عنها تلك العلة جاز اتخاذها.
فإذا أمن الناس من مظنة عبادتها، وغدت مجرد زينة أو حلية، ولم تُوضَع مَوْضعَ قداسةٍ لصورتها: فقد زالت علةُ تحريمها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ويشهد لذلك أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن توضع الصورة فى بيته بحيث تشغله عن الصلاة، أو فى موضع يوحى بمظنة تقديسها، ولم ينه عن وضعها إذا زالت هذه العلل عنها، وأباحها للمصلحة.
فروى الإمام مسلم فى “صحيحه” عن عائشة رضى الله عنها، أنه كان لها ثوب فيه تصاوير، ممدود إلى سهوة، فكان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يصلى إليه، فقال: «أَخِّرِيهِ عَنِّي»، قالت: فأخَّرته فجعلته وسائد.