هل يوجد ما يمنع من التقدم بدعوي قضائية دولية بفرز وتجنيب حقنا وميراثنا في الكواكب التي أصبحت سداح مداح لكل من ملك القدرة علي غزو الفضاء فيستولي علي مقدرات هي في الأصل ليست ملكاً له ، ولكنها ملكاً للبشرية جمعاء ؟
للوهلة الأولي تبدو الكلمات وكأنها قفزة لاهية في الهواء ، أو شطحة فكرية بدون مغزي ، ولكن الأمر ليس كذلك ، بل مهم ويلقي اهتمام دولي كبير .
ووفقاً لقواعد القانون الدولي للفضاء ، و بحسب ما ورد في معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي ، بما في ذلك القمر والأجرام السماوي الآخري ، والتي دخلت حيز التنفيذ في 10/10/1967 ، فإن الفضاء الخارجي ومكوناته ليس ملكا لأحد بعينه، بل هو ملك للبشرية جميعاً .
ووفقاً لعبارة النص فإن الفضاء الخارجي ليس ملكاً لأحد بعينه ، بل ملكاً للبشرية جميعاً ، وهذا يعني أن لكل منا نصيب في الفضاء الخارجي ، وهو ما يعني أن قيام شركة تعدين باستخراج كمٍّ هائل من البلاتينيوم من كويكب ما، بدون إذن من المجتمع الدولي تكون مغتصبة لحقوق الغير ، فتقع تحت طائلة القانون بفعلها ذلك، فمن وجهة نظر قانونية يمكن لهذا أن يكون خرقا لمبدأ الملكية الجماعية .
إلا أن هذه القواعد القانونية الدولية ، وإن كانت تتضمن القاعدة ، لكنها لم تتضمن الجزاء علي مخالفتها ، مما يتيح الفرص للدول القادرة علي المُضي قُدما في إنفاق الأموال بهذا الاتجاه، لغزو الكواكب والسيطرة علي مقدراتها ، ونهب ما بها من ثروات ثمينة ، وهو ما قد ينبأ بصراعات مستقبلية بين الدول الكبري علي هذه الموارد الثمينة .
وفي الحقيقة فإن الأمر يستحق الصراع لو علمنا أن عدد من الكويكبات يحتوي علي كميات كبيرة من عناصر مهمة مثل الذهب أو الفضة أو البلاتين، بجانب مجموعة المعادن البلاتينية ، والتي تدخل كأساسات صناعية مهمة، مثل البلاديوم والروبيديوم والإيريديوم، إلى جانب ذلك تحتوي الكويكبات على كميات هائلة نسبية مما نسميه بالعناصر الأرضية النادرة ، وهي مجموعة من سبعة عشر عنصرا كيميائيا في الجدول الدوري، تحديدا السكانديوم، الإتريوم، واللانثانيدات، والتي تدخل في صناعة كل شيء تقريبا، بداية من البطاريات والإلكترونيات وصولا إلى تكرير البترول وإنتاج الطاقة .
فماذا لو تركت هذه الثروات بدون حماية قانونية ، فلا شك أن الأستعمار الجديد لن يتركها أبداً ، طالما لا يوجد رادع لمنعه من ذلك ، ولذلك فيثار التساؤل عما إذا كان هناك سبيل وفقاً لقواعد القانون الدولي للحصول علي نصيبنا في هذه الثروات أو منع المستعمرين الجدد من التجاوز في اغتصابها .
ونظراً لأهمية الأمر فيجب بذل العناية اللازمة تجاهه من قبل فقهاء القانون الدولي ، في ظل تزايد النشاط المتسارع للشركات العالمية ، ووكالة ناسا التي بدأت بالفعل في الاستثمارات الضخمة في الكويكبات الكثيرة التي تمر سنويا على مسافة قريبة من الأرض.
من جهة أخرى، فإن التكنولوجيا الخاصة باستخراج الموارد الثمينة قد بدأت بالفعل في هذا النشاط ، والمتتبع للأبحاث في هذا المجال يلاحظ أن الزيارة الأميركية القادمة للقمر لن تكون استكشافية فقط، بل ستهدف إلى حصاد الموارد القمرية أيضا، في بادرة لإنشاء محطة قمرية تكون نقطة الانطلاق للمريخ يوما ما، أما الجمعية الجيولوجية الأميركية فقد وضعت اهتماما بالأمر وأعلنت أن مهامها تتخطّى حاجز الموارد الأرضية إلى ما يمكن أن يكون مفيدا من الفضاء أيضاً .
كل ذلك ونحن لم ننتبه بعد ..