حرص المشرع المصري علي الإعلاء من دور المواطن في التبليغ عن أية مخالفة تؤدي إلي تلوث البيئة ،وذلك للقضاء علي السلبية المجتمعية فيما يتعلق بالجرائم البيئية ، فجعل لكل شخص الحق في الإبلاغ عن أية مخالفة لأحكام قانون البيئة ، ليشارك الجميع في منع التعدي علي البيئة ، ونص في المادة 103 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 علي أنه :- ” لكل مواطن أو جمعية معنية بحماية البيئة الحق في التبليغ عن أية مخالفة لأحكام قانون البيئة ”
ومؤدي ذلك أنه لا يشترط أن يكون للمواطن القائم بالتبليغ مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة ، كما لا يشترط أن يمس هذا المواطن ضرر لكي يقوم بالتبليغ ، ولكن المشرع جعل من التبليغ حق لأي مواطن بصرف النظر عن مصلحته في ذلك .
وينطلق هذا المنهج من مبدأ المسئولية الجماعية للحفاظ علي البيئة ، فالجميع مسئول عن حماية البيئة التي نعيش فيها ، والحفاظ عليها نظيفة ومناسبة للعيش فيها بأمان وسلام .
أهمية التبليغ عن الجرائم البيئية :
في العادة فإن الجرائم البيئية لا يكون لها ضحية معينة ، ولا يكون فيها مجني عليه محدد ، ومن ثم فقد ترتكب ولا يشعر بها ، بالرغم من آثارها الواضحة ، وأضرارها المدمرة .
وكثيراً ما تقع المخالفات التي تؤدي إلي تلوث البيئة فيفلت مرتكبها من العقاب بسبب عدم التبليغ عنها، ولذلك قرر المشرع حق التبليغ لأي مواطن ، ولم يتطلب المشرع شكلاً معيناً لهذا الإبلاغ ، فيمكن أن يكون عن طريق الهاتف أو الرسائل أو شفوي أو مكتوب ، كما يمكن أن يكون عن طريق الشخص نفسه أو عن طريق وكيله أو نائبه ، كما يمكن أن يكون يقدم البلاغ من مجهول .
وتظهر أهمية الإبلاغ عن الجرائم البيئية في أنه يساعد رجال الضبط علي ضبط الجريمة وبيان ظروفها ، حيث يساعد الإبلاغ علي تحديد مكان وقوع الجريمة ، وزمان ارتكابها ، ومن هو مرتكبها ، وما هية التلوث الحاصل بسببها، والمواد المسببة للتلوث من حيث نوعها وكميتها ، والوسيلة المستخدمة فيها والأضرار الناجمة عنها .
مخاطر الجرائم البيئية :
من مخاطر الجرائم البيئية أن أضرارها عامة ، ولا تمس فرد بعينة ، ولكنها تهدد المجتمع بأسره ، بل وتهدد الكرة الأرضية كلها ، فتلوث الهواء والمياه والأرض يهدد الحياة البشرية بالفناء ، أو علي أقل تقدير بالعنت والشدة .
وتظهر مخاطر الجرائم البيئية في أنها ترتكب دون أن يعرف الجاني أن ما يرتكبه جريمة ، فما زالت هذه الجرائم لم تصل بصورة كافية إلي الوعي المجتمعي ، ولم تمس بعمق الضمير الجمعي العام ، فيقدم الشخص علي ارتكاب فعلاً مخالفاً لقانون البيئة دون أن يعرف أن ما يرتكبه يمثل جريمة .
كما أن البعض قد يحجم عن التبليغ عن هذه الجرائم بسبب أنها لا تمثل ضرر شخصي بالنسبة له ، أو أن هذه الجرائم لا تمثل أهمية بالنسبة للكثير من الناس ،وذلك بسبب نقص الوعي البيئي و الثقافة البيئية .
ولا شك أن الجرائم البيئية لا تهدد الأجيال الحالية وحسب ، بل أنها تهدد الأجيال القادمة لما تتركه من تأثير ضار علي البيئة يبقي لسنوات عديدة .
الجهة المختصة بضبط جرائم البيئة :
أسبغ المشرع صفة الضبطية القضائية علي أشخاص معينين وفقاً لنص المادة 102 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 ، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 حيث نص علي أنه مع عدم الإخلال بأحكام المادة (78) من هذا القانون يكون لموظفي جهاز شئون البيئة وفروعه بالمحافظات، الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص بشئون البيئة صـفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ”
واختصاص هذه الطائفة من الأشخاص هو اختصاص نوعي عام ، يتعلق بكل جرائم المساس بالبيئة ، ولكن في نطاق مكاني لعملهم ، ولا يعتبر كل موظف في جهاز شئون البيئة له صفة الضبطية القضائية ، وإنما فقط لمن يصدر له قرار بذلك من وزير العدل بالاتفاق مع وزير شئون البيئة .
سلطات الضبط فيما يتعلق بالجرائم البيئية :
منح المشرع لمأموري الضبط القضائي من موظفي جهاز شئون البيئة وضباط شرطة البيئة والمسطحات المائية سلطة تحرير محاضر بجرائم التعدي علي البيئة ومنع وإزالة أسباب المخالفات من إلقاء القمامة في غير الموضع المخصص لها أو قطع الأشجار الجائر ، أو غير ذلك من المخالفات ، وكذلك يكون لمأموري الضبط القضائي وقف تشغيل أو تسيير الآلات أو المحركات أو المركبات التي ينتج عنها عادم أو ينبعث منها دخان كثيف أو صوت مزعج ، وذلك للحد من التلوث البيئي .