كانت ضحكته البرئية تزين ثغره، ملامحه وديعة، ابتسامته كفيلة لتخبرك أنه طفل من أطفال الجنة، لا يعبأ من الدنيا سوى أحلام طفل صغير كأي طفل، بينما يلعب ويهرول أمام بيته، سقط دون رجعة، في فتحة صغيرة لم يبلغ قطرها 30 سنتيمتر، ظن أنها حفرة كأي حفرة إلا أنها جوف بئر يمتد لـ 60 متراً تحت الأرض، تدحرج جسده ليرتطم يمنى ويسرى، لتملأه الجروح والكسور.
-
بأي ذنب أُرهقت
لا شك أن الطفل ريان ذهب ضحية لشئ لا ناقة فيه ولا جمل، فقد عاش في مدينة جبلية حادة التضاريس تملأها الأراضي الوعرة، يحكي والده، أن هذه البئر التي تبلغ 60 متراً عمقاً، هي منذ حياة الجد، كأبار مثلها تعج بها المنطقة، وكان قد قرر الوالد ردمه قبل أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، ليسقط ريان في البئر عند عمق 32 مترًا، متخم بالجراح والكسور.
من يريد التعاطف والبكاء على الماء المسكوب فأطفال العالم كل يوم يرتجون من السقيع في مخيمات اللاجئين في سوريا، ويعانون المجاعة في اليمن، والفصل العنصري في فلسطين المحتلة، كذلك الأمر في عديد البلاد الفقيرة، العالم يتناسى، ونحن العرب نتغافل دون ردة فعل، للأسف سننسى، مع كل هذا النحيب، سننسى، مع كل هذا الحزن والبكاء سننسى، ولا جديد، سنقط ريان من ذاكرتنا كما اسقطنا محمد الدرة والطفل السوري إيلان الذي وجد غريقاً على أحد الشواطئ، ونغض الطرف عن أطفال سوريا واليمن، الذين يذهبون هباءًا كل يوم، جراء نزاعات وحروب سياسية.
فريان هو إنسان حملت وفاته رسالة وموعظة من الله أختاره ليزلزل العالم من ثباته المزعوم، فوسط صراع على استعمار الفضاء يموت آلاف الأطفال موتاً بطيئاً، هذا الطفل المغربي معجرة، معجزته أن يبقى حياً لـ 5 أيام، رغم سقوطه لـ 32 متراً في جوف الأرض، ظل على قيد الحياة حتى يعلم به العالم أجمع، وبعدما أدى رسالته، وتعلقت به قلوب البشر جمعاء، ذهب لباريه، لينفطر قلبهم كما ينفطر قلوب أهالي الألاف من الأطفال يومياً جراء الحروب، وإذا ما كان قد عاش وأكمل حياته، سيتصور الجميع أننا نعيش في عالم مثالي ومطمئن.
أنت يا صغيري معجزة ورسول في زمن انقطع فيه الوحى والمعجزات والإنسانية والضمير وأشياء كثيرة.
مبارك لك يا صغيري ، اختارك الله حتى لا تشب في مجتمع عربي متهالك، لك اللذة ولنا المرارة والضيق، ليتنا نستفيق.