«عمرك سمعت شيح سلفي يقول الأشاعرة قالوا والمعتزلة قالوا وإحنا قولنا».. هكذ كان سؤال عيسى، وأنا عن نفسي مسمعتش!.
في كل مرة يخرج فيها الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي، للحديث عن تابوهات دينية أو اجتماعية أو سياسية، يكون اتفاقي معه حول ردة الفعل التي ستعقب كسر هذا التابوه، وقد لا أوافقه في كيفية الكسر أو طريقة الطرح، أو الخروج عن النص المحفوظ صم، داخل بعض الأدمغة متجمدة العقل، إلا أنه دائماً ما يكسب الرهان.
ومقام الحديث هنا، هو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم، المعراج، هل هي حدثٌ حقيقي أم مجرد رؤية منامية، معراج بالروح فقط أم بالروح والجسد، والثانية أقرب,
وبقول فصل، اقتبس قول الدكتور سعد الدين الهلالي:-
“إن تصديق حادث الإسراء والمعراج درجة إيمانية وتابع ان من يتكلم عن الواقعة بعقلانية علينا أن نقول له إن المعراج حدث إلهي إعجازي وإيماني وعليه أن يصل لإيمانه طوعًا وليس كرهًا”.
“الصحابة عليهم رضوان الله اختلفوا في مسألة الإسراء والمعراج وكانت لهم آراء متباينة حول عروج النبي للسماء بالجسد أم الروح”.
رهان عيسى
عيسي كسب الرهان، رهان أن هؤلاء من نصبوا أنفسهم رجالًا للدين، بل هم الدين، ودونهم لا شئ، فشتان الفارق مثالًا من رد الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن، والمستشيخ حاتم الحويني، الذي حكم فورًا على عيسي، بقول كفر وزندقة.
وأكاد أجزم أن قوله هذا ما إلا مرضاة لنفسه، غيرة على الجماعة والمستشيخين أمثاله، لأنه بادر بكشفهم، ولو كانت غيرة على العقيدة والدين، فقد طرح عيسى من قبل معجزة المعراج عبر برنامجه مختلف عليه، بقناة الحرة، لكن لماذا الآن؟!.. لأنه كشفهم، وإن كان هناك أمثلة أحرى أن يضرب به المثل عن تسلطهم، بعيدًا عن شبهة معجزة المعراج، إلا أنه كسب الرهان.
غريب يأخي، أغلب علماء الدين الذين ناقشوا عيسى واجهوه بالرأي الآخر، إلا الحويني وأمثاله، حكموا عليه، مارسوا سلتطتهم الرجعية، صكوك الجنة في أيديهم، والإيمان كذلك.
أليس هذا رهان عيسى!.. ما أشبهم اليوم بقساوسة القرون الوسطى في أوروبا.
الحقيقة، أن ما يجب علينا تقبله أن هناك إعلام رأي، وإعلام خبر، الثاني ينقل خبرًا وقد يعلق عليه هو وأحد ضيوفه، وهناك إعلام رأي، مثل إبراهيم عيسي، هو ينقل رأيه، وليس بالضرورة أن تجد في رأيه إجابة على أسئلتك وتوافق حول معتقداتك التي غالبًا لم تبحث وتفند فيها أو في غيرها على ألأكثر، أما صاحب المفكر أو الكاتب فهذه هي شغلته الشاغلة، البحث والتفنيد، يصل لنتائج مبنية على عوامل عدة، ثم يكون رأيه، وأنت لست ملزم باتباعه.
إجمالًا، أعلن اتفاقي معه حول ردة الفعل التي ستعقب كسر هذا التابوه، بينما لا أوافقه في طريقة الكسر، خلال هذه الحلقة، إنهم يخشون سلطانهم الديني، المبني على أن لا تفكر أو تبحث أو تنقب، برسالة ضمنية وعلنية:
– يا عزيزي لا تفكر، فأنا موجود، يا عزيزي لا تفكر، فالنص صريح، يا عزيزي لا تفكر، خذ هذا الرأي الذي لا يوجد غيره، اعتنقه، اعتنقته، جميل، الآن أضمن لك الجنة، بشرط.. أن لا تبحث عن غيره وتفكر.
– أخيرًا، أن مؤمن أن النبي قد عرج بيه جسدا وروحًا إلى السماء، وأؤمن أن قوي الإيمان لن يتزحزح اعتقاده قدر أنملة، لكن المسلم الحق هو من يبحث ويفكر ويرد، لا يهاجم أو يسب.
كما أني مؤمن أن البحث والتفكير والتفكر ضرورة دينية وحياتيه، وأن من يحذف نص الحقيقة ونصف الرواية فهو مضلل، ومتسلط..
لنواجه الفكرة بالفكرة والدليل بالدليل، ونبحث، ونستقي العلم من العلماء، أصحاب الدكتورة والأستاذية وليس مستشيخي السلفية وداعمي التحرش، منتجي داعش ومن على شاكلتهم.