حقق مسلسل “بطلوع الروح”، للمؤلف محمد هشام عبية، نجاحًا ساحقًا في الماراثون الرمضاني الماضي 2022، حيث تصدر التريند وحصل على أعلى المشاهدات منذ طرح أولى حلقات على شاهد وmbc، وذلك لأنه مبني على أحداث حقيقية، شغلت اهتمام الجمهور، ألا وهي قضية تحرير “الرقة”، ومحاولات داعش في تجنيد اتباعها، وكيفية تحويل انسان عاديًا لمقاتل محترف، كل هذه المواضءيه مست قلب المشاهدين، واستحوذت على اهتمامهم.
فقد تمكن محمد هشام عبية، من تجسيد أدق التفاصيل التي تميز داعش، وفضح أفكارهم من خلال قلمه الحر، كما أنه فعل ذلك باتقان شديد واحترافية عالية، ويكمن ذلك في اهتمامه الدائم لمعرفة طريقة تفكير داعش وما يسعون لتحقيقه.
وأجرى موقع «أوان مصر» حوار مع المؤلف محمد هشام عبية، كشف من خلاله كواليس كتابة مسلسل “بطلوع الروح”، الذي أصبح تريند رقم 2 على منصة شاهد منذ طرحه.
مما استوحيت قصة “بطلوع الروح”.. وهل مبنية على أحداث واقعية؟
انا كنت مهتم جدًا ومشغول بموضوع داعش من بداية ظهوره على أرض الواقع منذ 8 سنوات، وعملي كصحفي كان يحتم علي متابعة تفاصيلهم وطريقة عيشهم وتفكيرهم، وكنت مندهش بطريقة اجتذابهم لعناصرهم من جميع البلدان سواء من أوروبا أو مصر والطبقات الاجتماعية الثرية، وكنت عامل قبله مسلسل “60 دقيقة”، ولاقى صدى جيد، لذا طلبت مني الشركة المنتجة البحث عن فكرة للفنانة منة شلبي في رمضان، وبحثت كثيرًا على العديد من الافكار، حتى تحقيق صحفي يتحدث عن مخيمات زوجات قيادات داعش، والتي تعود فكرتها إلى تجميع كافة زوجات قادة داعش في مخيمات بعد انتهاء داعش على أرض الواقع في عام 2017، ويوجد في تلك المخيمات نساء من 60 دولة والواتي من بينهن المصرية والبكستانية والانجليزية وغرهم من الجنسيات، ويحدث بداخل تلك المخيمات أعمال قتل وعنف ومحاولات لإعادة تنظيم داعش من جديد، كما قرأت في التحقيق قصة امرأة مصرية تعيش في المخيم، وتريد العودة ولكنها لا تستطع، وهنا خاطرني تساؤل حول كيفية هروب تلك السيدة من المخيمات وماذا لو عادت نجحت في العودة، وبعدها تواردت الفكرة وتوالت الأحداث.
وكان من المفترض أن يتم تصوير الثلث الأخير من الأحداث داخل تلك المخيمات لكن لضيق الوقت وصعوبة التنفيذ، لم نستطع تناول ذلك، واكتفينا بالنهاية التي عرضت للمسلسل.
هل كان لك رؤية في اختيار نجوم “بطلوع الروح”؟
كنت أعلم من البداية أن الفنانة منة شلبي هي التي سوف تلعب دور البطولة، أما باقي نجوم العمل كانوا من اختيارات المخرجة كاملة أبو ذكري، وكان هناك رأي تشاوري فيما بيننا لكن الاختيارات كلها تعود إليها.
المسلسل أوضح أن داعش تمنع المرأة من ارتداء لون غير الأسود.. فهل ذلك يحدث في الحقيقة؟
بالطبع هذا يحدث في داعش، فقد كان يرافقني مراجع لمتابعة كافة التفاصيل التي تخص طريقة تفكير وتصرف داعش المطروحة خلال أحداث العمل، وهو باحث صحفي متخصص في شئون الجماعات المتطرفة، واعتمدنا على الأفلام الوثائقية وجرائد مواقع كبرى تناولت ما يحدث داخل دولة الخلافة من إنتاجهم الشخصي، فكل التفاصيل المطروحة في المسلسل، هي تفاصيل دقيقة خاصة بنمط الحياة وشكل السكن وطبيعة الملبس، وتكاد تكون صحيحة 100%.
كم استغرقت في كتابة السيناريو لتصبح الفكرة ملموسة على ورق؟
بدأت التفكير في المسلسل بداية من سبتمبر 2021، من البحث والتدقيق في التفاصيل التي تخص داعش، وكتابة المعالجة الحلقات الأولى، واستمريت في الكتابة حتى قبل نهاية شهر رمضان بأيام قليلة، تقريبًا المسلسل استغرق مني حوالي 8 شهور كتابة وصولًا للتنفيذ.
هل ترددت في عرض ملف داعش بهذه الجرأة على الشاشة؟
في الحقيقة لم أتردد نهائيًا، فأنا طوال الوقت مهتم ومشغول بفكرة التطرف، وبسبب حدوثه على أرض الواقع، ولماذا الانسان يتحول من شخص عادي لشخص يقتل باسم الدين، فالفكرة شاغلة بالي، لذا لم يكن لدي تخوف، لأن هذا يعتبر من أحد أدوار الدراما الجادة، أننا نقاوم هذه الافكار المتطرفة، بالطبع بعد ما حدث هجوم على أبطال المسلسل شعرت الصراحة ببعض القلق، لكن في نفس الوقت قولت لذاتي أن هذه هي المهنة وضوابطها.
مشهد النجمة إلهام شاهين وهي تعلق البندقية على شماعة منزلها جذب الانتباه.. فهل هناك إسقاط في ذلك؟
لا يوجد أي مشهد من مشاهد المسلسل مقصود منه أن يكون تريد أو “كوميكس” على مواقع التواصل الاجتماعي، أنا بكتب المشاهد وفقًا للتصاعد الدرامي وطبيعة كل شخصية، من الممكن من كثرة صدق ودقة المشهد، وتأثيره على الجمهور، يتم تحويله لـ “كوميكس”، وشخصية أم جهاد شخصية منظمة، حيث أنها في الخارج سيدة مقاتلة، بينما في منزلها سيدة مصرية منظمة، وتمارس واجبتها كزوجة مثل أي امرأة، فهذا التصرف طبيعي لأنه جزء من شخصيتها.
بما استعنت في تجسيد شخصية «أما جهاد».. وهل هي شنخصية حقيقية؟
كتبت شخصية “أما جهاد” في البداية من وحي خيالي وتصوري، عن طبيعة الشخصيات النسائية في مثل هذه الجماعات، فهي خليط بين الذي قرأته وبين الذي رأيته في بعض الاحوال في مهنتي كصحفي، وبعد ما كتبتها على الورق استشرت بعض الزملاء المتخصصين في ملف الجماعات الإرهابية، وأخبروني حينها بأن بالفعل هذه الشخصية متواجدة على أرض الواقع، وممكن تكون أقرب لشخصية زوجة قيادي في الجماعات الإسلامية في مصر المعروفة، وبنفس هذه الصفات تقريبًا، لكنني عندما كتبتها جمعت تصوري من كذا شخصية وليست شخصية واحدة بعينها.
ما الصعوبات التي واجهتها في كتابة السيناريو خصوصًا وأن الأحداث حقيقية؟
واجهتني صعوبات كثيرة خلال كتابتي للسيناريو، أولها أن الحدث الذي نناقشة قريب، حيث أنه وقع من أربع سنين تقريبًا، وهذا يفرض علينا التدقيق في في كل التفاصيل والمشاهد، حتى تكون الصورة أقرب للحقيقة، بجانب صعوبة بناء الشخصيات نفسها، لأنني مختار من البداية إن الاحداث تكون لها علاقة بصراع نفسي انساني وليس صراع ديني أو فكري، على اعتبار ألا يتناقش أحد في مسألة الإرهاب يجوز أو لا يجوز، لكننا بنتناقش في طريقة تجنيدهم لاتباعهم، وكيفية تحويل مواطن عاديًا لشخ مقاتل في يوم من الأيام، وهذا كان الهدف الرئيسي والمقصود من المسلسل، فبالتالي كان عمل نفسي أكثر م كونه مسلسل للإثارة والتشويق.
ما تعليقك على تصريحات الناقدة ماجدة خير الله عن المسلسل والزعم بتشابهه مع فيلم أمريكي؟
ماجدة خير الله ذات نفسها اختارت المسلسل ليكون من أفضل الاعمال في رمضان، واختارت منة من افضل الفنانات، فهي ردت على نفسها، فهذا الموضوع تجاوزناه، فمن الممكن أن يبدو في الأول متشابهًا، لأن هذه تيمة ثابتة في العالم والدراما، تنبع من فكرة إن الام ممكن تذهب لأي مكان من أجل ابنها أيًا كان صعب أو تحكمه ضوابط متطرفة، لذا ممكن يولد ذلك احساس بالتشابه في الحلقات الأولى، لكن انا لم أشاهد هذا الفيلم الذي أشارت إليه فبالتالي لا يوجد أي تشابه بين الفيلم والمسلسل.
هل سوف تتبنى في أعمال المقبلة قضية داعش؟ وماذا عن طرح جزء ثاني من «بطلوع الروح»؟
وارد يكون فيه مشاريع وأعمال مقبلة تتحدث عن داعش، لكن بالتأكيد حاليًا احتاج إلى راحة، لأن المسلسل كان ثقيلًا بكل تفاصيل، لكن حتى الآن فكرة طرج جزء ثاني من “بطلوع الروح” مستبعدة بنسبة كبيرة، فمن الممكن أن نعود ثانية إلى قضية داعش، لكن فكرة عمل جزء ثاني من المسلسل ليست مطروحة حاليًا.
ما الأعمال التي تحضر لها في الفترة القادمة؟
أحضر خلال الفترة الحالية لمسلسل قصير مع صديقي الاستاذ وائل حمدي، ومن المفترض أن نقوم بكتابته سويًا، وهو مستوحى من رواية “دم على نهد” للكاتب إبراهيم عيسى.