تقرير-سارة لطفي
تراجعت حركة التجارة و الإنفاق في تركيا بسبب سياسات حظر التجوال و الإغلاق بعد تسجيل أول حالة لفيروس كورونا في شهر مارس الماضي ، و إلتزم جميع السكان بيوتهم و عدم الخروج إلا للضرورة و بدأت الطبقة الفقيرة في المعاناة.
يستعرض لكم “أوان مر” في هذا التقرير واقع الاقتصاد التركي ومؤشراته حتى نهاية شهر أكتوبر 2020.
قرارات البنك المركزي و انهيار الليرة التركية
أخفقت الحكومة التركية خلال شهر سبتمبر في السيطرة على أهم مؤشر في الاقتصاد التركي و هو الحفظ علي سعر الليرة التركية أمام الدولار . حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى رقم قياسي جديد هو 7.71 ليرات، واضطر البنك المركزي في اجتماعه بتاريخ 24 سبتمبر إلى رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس لتصل إلى 10.25%، مما دفع إلى تعزيز سعر الليرة، فانخفض سعر الدولار أمامها إلى 7.57 ليرات، و بالتالي دفع المستثمرين الاجانب لشراء الدولار و الخروج من السوق ، و بالتالي ازداد الطلب على الدولار مع تراجع سعر الليرة لتؤكد عدم فائدة خطوة البنك المركزي و خروج الأمر عن السيطرة ، و ذلك زاد من القناعة بأن آليات تدخل الحكومة للسيطرة على الوضع المالي أصبحت محدودة جداً.
و في آخر سبتمبر سارع الأكراد إلى تحويل مدخراتهم الي مخزونات من الذهب ،و الدليل علي ذلك أن تركيا قامت باستيراد ذهب في شهر أغسطس 2020 بقيمة 4.2 مليار دولار و كلها مؤشرات تؤكد علي ضياع الثقة في الليرة التركية و مقدرة البنك المركزي علي ضبط الأسواق، حيث لجأ الناس إلى الدولار أو الذهب و كان المهم هو الخروج من السوق التركية ، و ذلك مع تراجع الاحتياطات الحقيقة إلى سالب 32 مليار دولار.
وضع الليرة التركية خلال شهر أكتوبر
انخفضت الليرة الي مستوي قياسي جديد مقابل الدولار الأمريكي إلى 7.96 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، بعد أن انخفضت بأكثر من 2% بعد قرار المركزي التركي بالإبقاء على سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير، حتى وصلت إلى 8 ليرة للدولار الواحد .
بـ 26.6 مليار دولار عجز ميزان التجارة الخارجية في تركيا
وصلت الصادرات التركية خلال شهر يوليو الماضي 15 مليار دولار مقابل 17.7 مليار دولار واردات، وبذلك يكون العجز في ميزان التجارة الخارجية قد وصل خلال الأشهر السبعة من هذا العام 26.6 مليار دولار، و بالنسبة إلى قطاع السياحة تراجع عدد زوار تركيا من السياح في أغسطس 2020 إلى 70%، وسنوياً إلى 74%.
الاحتياطي النقدي لدي تركيا يصل إلى سالب 31.5 مليار دولار
و نتيجة سياسة البنك المركزي لدعم سعر الليرة، تراجعت احتياطات البنك المركزي من العملة الأجنبية إلى سالب 31.5 مليار دولار، في حين أن المطلوب من تركيا هو دفع ديون خارجية خلال الشهور الاثني عشر المقبلة بقيمة 176.5 مليار دولار.
من ناحية أخرى ، استمر العجز في ميزانية الحكومة السنوية، ولكن مع تراجُع أسعار الفائدة في الأشهر السابقة وما أدى إليه من بيع للسيارات ورفع الحكومة الضرائب على بيع السيارات، فإن محصلة هذه الضرائب في أغسطس 2020 دفعت إلى زيادة في الميزانية الشهرية بفارق بلغ إلى 28 مليار ليرة، وبالتالي فإن العجز في الميزانية السنوية وصل إلى 109 مليارات ليرة، ومن المتوقع أن يصل هذا العجز في الميزانية بنهاية العام الجاري إلى رقم قياسي هو 140 مليار ليرة، ومع احتمال تراجُع سعر الليرة في الأشهر المقبلة فإن نسبة الديون الداخلية بالدولار سوف تزداد. وبذلك تكون نسبة الدين الحكومي من الدخل القومي زادت بنسبة 40.5%، وهي أعلى نسبة منذ عام 2009. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 42% خلال العام المقبل، مع سياسة الحكومة في سداد الديون المعدمة للبنوك الحكومية وتحويل هذه المدفوعات إلى وزارة المالية.
و بالنسبة إلى مستوي النمو ،انكمش الاقتصاد التركي في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 9.9% و لكن مع تخفيف القيود علي الحركات التجارية في الربع الثالث و بالتالي من المتوقع أن يعود النمو الي الارتفاع في الربع الثالث
و تم الإعلان عن ارتفاع معدل التضخم بنسبة 0.86% خلال شهر مما يجعل معدل التضخم السنوي يصل إلى 11.77%، ومن المتوقع أن يصل في نهاية العام الجاري إلى 12.8%.
4.1 مليون شخص عاطل في تركيا
وصلت نسبة البطالة خلال الأشهر الثلاثة الماضية 13.4% أي ما يقرب 4.1 ملايين شخص. ويرتفع هذا الرقم إلى 10.2 ملايين شخص إذا ما تمت إضافة أعداد العاطلين الذين توقفوا عن التقدُّم بطلبات عمل. كما يمكن إضافة 3.5 ملايين شخص آخرين تم وقف أجورهم بسبب الجائحة.
وضع اقتصاد تركيا الإئتماني
خفضت وكالة موديز تصنيفها الإئتماني عن وضع تركيا الاقتصادي و هو يعتبر أقل تقييم لتركيا منذ عام 1990 ، حيث يحذر هذا الرقم من الاستثمار في تركيا ، ويشير إلى احتمالية عدم قدرة تركيا عللى سداد ديونها الخارجية.
بوجه عام ، إذا لم تجد الحكومة التركية حلاً لأزمة الليرة و التمويل و الديون الخارجية ،فإن هذا سيؤدي إلى إفلاس عدد أكبر من الشركات التي لن تستطيع سداد ديونها الخارجية بسبب هذا السعر للدولار والركود الاقتصادي وجائحة كورونا، الأمر الذي سيزيد من أزمة البطالة.
وهذا الوضع سيكون له انعكاسات سلبية على البنوك التي زادت فيها نسبة القروض غير المُسدَّدة، كما سيكون له انعكاسات قوية على الوضع السياسي واستقرار الحكومة؛ لذا فإن الحكومة التركية تبدو مضطرة لتقديم تنازلات دبلوماسية في السياسة الخارجية، خصوصاً في علاقاتها بواشنطن من أجل إيجاد حلٍّ لأزمتها الاقتصادية الحالية.
اقرأ أيضاً:
انهيار الليرة التركية مجدداً أمام العملة الخضراء