في أعوام مضت، أضاءت نجمة الموسيقى العربية بلمعان خاص، وذلك بفضل ظهور فنان استثنائي على الساحة، ترجم حبه للفن إلى مؤلفات موسيقية تخطف الألباب، فإنه الموسيقار رياض السنباطي، الذي بات له مكانة لا تقاس بالأرقام، بل بلغة الإحساس والجمال، والذي بعد مرور 117 عامًا احتفينا أمسالخميس 30 نوفمبر بذكرى ميلاده كأحد أهم الموسيقيين في الأغنية العربية.
لم يقتصر ذياع صيت موسيقى الموسيقار القدير الراحل رياض السنباطي، داخل مصر أو الوطن العربي فقط، فلم تعرف ألحانه ومدرستة الموسيقية أي حدود، فامتدت موسيقاه كأمواج لا تعرف نهايتها، فكانت وسيلة للمؤرخين والعلماء في دراسة الموسيقى العربية، وكانت نغصة للإسرائيليين لعدم قدرتهم على تعلمها، الذين تحولت الموسيقى العربية لديهم من مجرد وسيلة للترفيه، لاتساع آفاقهم في التفاعل مع الفن المصري العريق، منذ سنوات.
الإسرائيليون والموسيقى العربية وألحان السنباطي
فمنذ سنوات طويلة كـانت الموسيقى وبالتـحـديد الموسيقى العربية الكلاسيكية في إسرائيل ما هي إلا وسيلة للترفيه فقط، ولم يكن تعلمـهـا واردا بالمرة في أذهان الإسرائيليين، ولكن مع السنوات الأولى في الألفينات زاد الإقبال على تعلم آلات الموسيقى العربية ودراستها بشكل علمي، حتى خصصت الأكاديمية الموسيقية الإسرائيلية قسما للموسيقى الشرقية والتي يلتحق بها الموهوبون من الشباب.
وحسب ما جاء في في صحيفة “هاأرتس الإسرائيلية” بعام 2003، فكان أقيم معسكر للموسيقى في كيبوتس سادوت يام، وهو مجمع سكني أنشئ منذ قيام إسرائيل، لعـزف مـقطوعـات موسيقية للملحن والموسيقار الكبير رياض السنباطي، ليبادر بعدها منتدى الاتفاق القومي بإقامة معسكر للموسيقى في عهد حكومة باراك، وقام مجموعة من الوزراء بدعوة المتخصصين في الحضارة لحوار بين اليهود والعرب، من خلال ندوات تجمعهم ليس بهدف التطبيع أو التحدث في السياسة وإنما لعزف الموسيقى، بهدف تناغم الحضارات.
الملحنون العرب يمتنعون والصهاينة يلجأون إلى الأجانب لتدريسها
نقلت صحيفة “هاأرتس الإسرائيلية” رأي أحد الملحنين العرب المعروفين دون ذكر اسمه، وقال إن لقاء الشباب العربي مع اليهود في معسكر موسيقي، تكمن أهميته في اللقاء نفسه، والذي لا يقل أهمية عن الاستمتاع بالعزف الموسيقي، وخاصةً موسيقى الموسيقار الكبير رياض السباطي، الذي نرى في موسيقاه شكل الموسيقى العربية وتطوراتها.
وفي القسم الشرقي الذي تندرج تحته الموسيقى العربية بالأكاديمية في القدس، كان يديره إلياس مخير، وكان وقتها أيضًا مدير برنامج الموسيقى باللغة العربية في إذاعة صوت إسرائيل، وقال إلياس في الصحيفة، إن هناك أهمية كبيرة في إقامة معسكرات لتدريب الشباب والدارسين في الموسيقى تدريبًا عمليًا؛ لأنه لا يوجد مدرسون متخصصون وماهرون لتدريس الموسيقى العربية التي هي في حد ذاتها صعبة، مشيرًا إلى أن الموسيقى العربية في حد ذاتها صعبة.
وأضاف أن مدرسوا العزف العربي أغلبهم من الروس، وليسوا متخصصين في التون العربي، واصفًا الموسيقى العربية بأنها في حد أساسها شئ تقليدي ويمكن نقله شفهيًا، متابعًا: “لكن مع بداية القرن الحالي ومع التأثير البالغ للموسيقى الغربية على العربية، بدأ العديد من المؤرخين والملحنين وخبراء وأساتذة موسيقى عالميين في توثيق الموسيقى العربية، وتوثيق أداء ودراسة كل عملاق من عمالقة الفن المصري وعلى رأسهم رياض السنباطي”.
وعبر إلياس مخير عن حزنه واستياءه وقتها، من عدم قدرتهم على الاستمتاع وتعلم الموسيقى العربية على يد مختصين حقيقيين، مشيرًا إلى أنه ليس هناك ملحنيين أو موسيقيين عرب متاحين لتعليم اليهود أو الإسرائيليين؛ لأن هناك مشكلة سياسية تعترض هذا التقارب، فحتى الموسيقيون العرب الذين يعيشون في دول أوروبية لا يريدون أن يقيمون علاقات فنية أو تدريبية للإسرائيليين، لافتًا إلى أنهم يعيشون على حد تعبيره في حصار.