كتبت – خلود عبدالمطلب
معاناة منذ أن التقطت أنفاسها الأولى وولادة استثنائية جعلت حياتها خاصة ومختلفة عن غيرها، قدمت لها الحياة اختباراً لم تستطع التعبير عنه إلا بصرخات من الألم.
روحها حاربت بالأمل رغم عدم إدراكها بحالتها الخاصة، الشلل الدماغي كانت الآفة التي سممت 32 عاماً من معيشتها، وسلبت منها حلمها بالتعليم.
و أصبحت أرجلها هي يداها التي تستخدمها في قضاء احتياجتها، وبالعزيمة والصبر والإيمان والرضا بمرضها قررت محاربته بالتحدي والرسم بصوابع أرجلها لتوفير مصاريف علاجها وتحسين حالتها الصحية.
رحلة مرض استنائية جعلتها تعبر لمدونات الإنترنت وأصبحت لها مدونة خاصة تسمى “بواحة المعرفة” وبها نصف مليون متابع من الوطن العربي.
بالإضافة إلى إبداعها بلوحات فنية ترسم بصوابع أرجلها، وتقديم نصائح على السوشيال ميديا للأمهات اللاتي يعاني أطفالهم من مرض الشلل الدماغي.
فتاة قصتها اسمها رحمة، وكانت لها نصيباً من ذلك الاسم بتوزيعها رسائل من العطف والرحمة لأصحاب تلك المرض وتشجيعهم على تخطى أوجاعه وآلامه الملازمة دائما له.
والتقطت عدسة “أوان مصر” مع الموهوبة “رحمة سراج الدين محمد” صاحبة الـ 32 عاماً ابنة محافظة سوهاج، المحاربة لمرض الشلل الدماغى بالإبداع بصوابع الأرجل على الورق وتشكيل الصلصال قائلة:
“الحمد لله أنا تعبت كتير وكان نفسى ادخل مدرسة واتعلم ولكن المدارس رفضت قبولى بها بسبب مرضى حتى الإلتحاق بفصول محو الأمية كان أمراً مستحيلاً وغلقوا جميع أبواب التعليم فى وجهى.
ولكنى لم استسلم وقررت أن اتعلم بالنظر لأنى لم أستطيع الكلام ولا حركة اليد، فكنت أنظر لأخى الأصغر منى بعام وهو يذاكر وشجعنى أن أتعلم، وبالفعل تعلمت العربى والحساب والإنجليزى بالمنزل.
وتابعت رحمة، ولكن طبعا بدون شهادات فكانت ومازالت أمنيتى هى التعليم وأن التحق بالجامعة فمرضى لم يعيبنى ولم يكن ذنبى فهذا قدر الله وأن أحمد الله عليه”.
واستكملت رحمة حديثها لـ أوان مصر:
“أصبت بـ 4 أسباب الشلل الدماغى بالبداية أصيبت والدتى وهى حامل بى بتسمم حمل وكانت حالتها تحتاج لولادة قيصيرية ولكن الطبيب قام بتوليدها طبيعى فحدث لى نقص أكسجين بالمخ.
مما أثر على حركتى وحركة يدى والنطق وكلامى، وحاولوا أهلى أن يعالجونى ولكن فى ذلك الوقت لم يكن الطب متطوراً فساءت حالتى” هكذا عبرت رحمة عن إصابتها بالشلل الدماغى.
وكيف أصيبت بها من أخطاء طبية أدت لسوء وضعها، مشيره إلى أن حالتها وهى طفلة كانت بسيطة ولو تم علاجها بشكل صحيح كانت أصبحت الأن بحالة أفضل.
وأضافت “رحمة” أن عدم حركتها وإعتمادها على الكرسى المتحرك لسنوات طويلة من عمرها، أصابها بتيبس فى المفاصل، وبعد وصولى لسن الثلاثين قدر الله أن اتواصل مع الدكتور وائل سلام وقبل حالتى وأعطانى أمل بتحسينها، وبالفعل “سافرت القاهرة وقيم حالتى وأكد لى أن هناك أمل كبير بالرغم من حالتها السيئة وبدأت العلاج معه منذ عامان ونصف حتى الأن، وأصبحت قدوة لكثير من الحالات ونموذج أمل لهم وأتواصل مع أمهاتهم لإعطائهم نصائح بالتعامل مع أطفالهم المصابين بالشلل الدماغى”.
“حفظت القرآن الكريم وبحارب علشان اتعلم أون لاين، وأوجه رساله للمسئولين بوضع قانون ينص بحق التعليم المصابين بالشلل الدماغى” هكذا وجهت رحمة من خلال “أوان مصر” للمسئولين والمطالبة بحقها بالتعليم وتحقيق حلمها بالالتحاق بالمراحل المختلفة من التعليم كغيرها حتى لا تشعر بالاختلاف وأنها أقل شأناً منهم”.
وقالت السيدة ” سهام شعبان” والدة رحمة “ابنتى رحمة طفلتى الأولى وحدث لها نقص أكسجين بالمخ مما سبب توافق عضلى عصبى، ولم نلتفت لوضعها إلا بعد شهرين من ولادتها عندما قامت بحركات غريبة وزوجى أول من لاحظها وقال حينها “أن رحمة حركاتها لا إرادية” وبعد فترة لاحظنا أنها لا تستطيع النطق أو الجلوس وقررت أساعدها وأعاملها طبيعى، وذهبت بها لتأخذ جلسات تخاطب، ولم تقبل أى مدرسة أن تلتحق بها رحمة بسبب تعدد إعاقتها حتى المدارس الخاصة رفضتها، ولكن لم أفقد أملى وبعدها لاحظت طفلتى رحمة ذكية جدا فقررت تعليمها بالمنزل الحساب والعربى وحفظ القرآن الكريم بأعينها، وهذه أكبر رسالة أمل وجههتا طفلتى لكل من أصيب بذلك المرض.
“مش بتسخدم إيدها وبتستخدم رجليها.. رحمة بترسم بصوباع رجليها الكبير وبتسخدم التليفون والأيباد وبترسم لوحات بطين الصلصال بطريقة ممتازة” هكذا أنهت والدة رحمة حديثها مع “أوان مصر ” معبرة عن حالة ابنتها وأنها نموذج أمل ونجاح لكل مريض أو مصاب بمرض الشلل الدماغى.
وأضاف “وائل سلام” الطبيب المعالج لحالة رحمة قائلاً: “رحمه مصابة بالشلل الدماغى وتابعت حالتها عندما كان عمرها 30 عاماً، ومن أكبر مشاكل حالتها أنها لا تتحرك كثيرا كما أنها تخطت مرحلة النمو بـ 10 سنوات، ومرحلة النمو هى الوسيلة التى يتأقلم بها الإنسان على الحركة، ومشكلتها لم تكن بخلايا المخ ولكن حركتها القليلة والخاطئة هى التى وصلتها لهذه المرحلة، وبعد عامان من متابعتى لحالتها وتلقيها العلاج الصحيح وجلسات العلاج الطبيعى للحركة الصحيحة، أصبحت تحبى وتحاول تقف لوحدها وأصبحت تستخدم يداها بشكل مظبوط عن السابق وهناك تحسن بحالتها، ورحمه تحارب هى ووالدتها وبالفعل هناك نتائج جيدة، ورحمة تتحرك حركات موجية بجسمها حتى ترسم بصوابع أرجلها وهذا تحدى وإصرار منها، فهى محاربة جبارة ومثال للقوة.