“أمى.. وزينة رمضان”.. يحتفى المصريون هذه الأيام داخل البيوت وفى الشوارع بقدوم شهر رمضان المعظم بطريقتهم الخاصة حيث تجهيز زينة رمضان وتعليقها، كفلكلور موروث منذ القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجري أي فترة تأسيس الدولة الطولونية، ثم تبعتها في ذلك الدولة الفاطمية وطورتها، وتعتبر زينة رمضان أحد أبرز مظاهر التعبير عن الفرحة بقدوم شهر رمضان المبارك، حيث يقوم الأطفال والشباب بعمل الزينة.
فى مثل هذه الأيام كانت أمى – عليها سحائب الرحمة – كغيرها من أمهات وفتيات مصر مشغولة بتعليق زينة رمضان في كل أرجاء البيت سواء في البلكونة أو الغرف أو حتى سلم البيت إلا وكان له نصيب من زينة رمضان، فقد كانت كالطفلة تردد “لا رمضان بدون زينة”، وتحزن حزن شديد إذا اقترب شهر رمضان ولم يقم شباب أهل الحى أو الشارع بتعليق الزينة “بدرى”، فهى المحرض الأول على بث الفرحة والبهجة بين أهل الحى، فكانت تصر على إضفاء الروح الرمضانية على كل شبر تطؤه الأقدام، فتتساوى لديها تجهيزات استقباله فى البيت والشارع يقيناً منها بضرورة نشر روح رمضان فى كل مكان.
أمى – رحمها الله – كانت تؤمن أن فرحة رمضان لا تكتمل الفرحة إلا بزينة رمضان وتعليق الأنوار وهى عادة توارثتها الأجيال واحدًا تلو الآخر، فإذا كانت الأسر المصرية تهتم بشراء وتوفير الياميش ومستلزمات البيت من الطعام فإن اهتمامها بزينة رمضان تعتبره صقسا خاصا هو الأولى من “الأكل والشرب” ترفض التخلي عن هذه العادة الأصيلة، فكانت أصيلة مثل الأشياء التي تحبها وتعتز بها، بل كانت “أمى هي زينة البيت” الذى تغير فيه كل شيء منذ غيابها ورحيلها عنه، ولكن ذكراها لازالت تفوح في كل أرجاء البيت.
وأما عن أغانى رمضان، فكانت أمى تقوم بتجهيز “جاز الصب” قبل رمضان، وتتأكد من صلاحيته، وتحافظ على تشغيل أغانى رمضان قبلها بشهر على الأقل، فلم تكن هناك أغنية من أغانى الشهر الكريم إلا وتحفظها عن ظهر قلب وترددها كالطفلة، وهى تتحرك في أرجاء البيت، والحقيقة فإن أمى – رحمها الله – وكل أمهات مصر يؤكدون مقولة “رمضان في مصر حاجة تانية”.. كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير، أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين بالخير واليُمن والبركة والعافية، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ومن المسلمين صالح اعمالنا ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وصلّي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.