انتقل فيروس “كورونا” إلى العديد من الدول العربية تحمله أجساد لأناس قادمين من بعض المناطق الموبوءة والتي تصدرتها الصين ثم إيران.
وبين ليلة وضحاها، تحولت الثانية (إيران) إلى بؤرة ينبعث منها المرض اللعين وينتشر بالشرق الأوسط، ليصيب جيرانها من دول الخليج.
قبل إعلانها، سكتت طهران عن وفيات بالجملة حسب ما أكدته قنوات مختلفة، لمصالح سياسية، حتى أصبحت البلاد بؤرة موبوءة مثلها مثل ووهان الصينية، وها هي تصدر اليوم عشرات الاصابات الى مختلف دول الجوار بخلاف من قدموا منها قبل الإعلان عن المرض!
نعم لقد باتت الدولة الإيرانية المصدر الرئيسي لانتشار “كورونا” بالمنطقة، فلم تخل طائرة تقل ركاباً من دول الخليج قادمة من الأراضي الإيرانية وإلا وتحمل وباءً أو عدوى لأحد المواطنين.
السؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف لإيران الجمهورية الإسلامية أن تعلن تباعاً عن وفياتها بسبب كورونا قبل أن تعلن عن وقوع إصابات من الأساس على غرار الدول الأخرى؟!
العارفون ببواطن الأمور يعلمون أن الفيروس تفشى في إيران ولم يُكشف عنه لأسباب سياسية واهية (الانتخابات الأخيرة) حتى لا يحدث ذعراً بين المواطنين، وكانت النتيجة الحتمية وقوع عشرات الموتى وحصر أضعافهم من المصابين بالفيروس!
تساؤلات
ما هذا الفشل، وكيف لنظام أن يستخدم مواطنيه وزائري الدولة وقوداً لأهدافه الفانية؟ النتيجة تعدت الحدود الإيرانية لتضرب بعض الدول المجاورة بسلاح القادمين من طهران، أبرزهم كويتيون وبحرينيون وعراقيون وإماراتيون وعُمانيون أصابهم المرض.
ولعل اتخاذ حكومات بعض دول الخليج قرارات بوقف الرحلات من وإلى طهران، يمثل إجراءً ناجعاً على الرغم أنه جاء متأخراً، بسبب غياب الشفافية وما شاب العملية من ضبابية وتستر إيراني أدى إلى تفاقم الوضع.
بداية الإعلان عن الإصابات كانت من الكويت، عندما أعلنت أمس الأول عن إصابة 3 أشخاص منهم سعودي بالعدوى، ثم تطور الأمر ليبلغ العدد حتى كتابة هذا السطور 9 حالات بخلاف بعض الاشتباهات التي أودعت منطقة الحجر الصحي.
يتخوف الناس من زيادة حدة الانتشار في المدارس الامر الذي قد يدفع لتعطيل الدراسة، ثم وقف الفعاليات المجدولة تحسباً من انتشار الفيروس.
الغريب أن الإعلانات الرسمية كافة تتضمن معلومات واضحة وصريحة تفيد بقدوم المصابين من “إيران”، فإن الامر لم يكن وليد اللحظة، و ما قد ينذر بحدوث صدمة مدوية هو تضاعف أعداد المصابين وحالات الوفاة في إيران، فهناك العديد من الخليجيين يعيشون في طهران أو قدموا منها قبل أيام وربما أسابيع!
وقفات
في غضون ذلك، استوقفني تقرير صادر عن “نيويورك تايمز” يفيد بأن الشرق الأوسط مهدد باجتياح وباء فيروس كورونا لمعظم دوله، بسبب الضوابط الحدودية القليلة وأنظمة الصحة الهشة وغير الفعالة.
إذا فإن إيران باتت أخطر نقطة لنقل المرض بعد الصين بسبب عدم مصداقيتها والتي تهدد أيضا بنشر الوباء إلى معظم المنطقة، إلا أن بعض الدول ما زالت تترك خطوط السفر من وإلى إيران مفتوحة، فهل ستظل كذلك؟
بادرت بعض الدول منها الكويت والعراق باستحداث مواقع للحجر الصحي تستقبل فيها المصابين بالعدوى، إلا أن الامر قد يتجاوز هذا الحد ليصل إلى إلغاء المناسبات والمعارض والتجمعات الرسمية.
ما سبق يؤكد أن الأزمة ستتحول تدريجياً من صحية إلى اقتصادية شاملة، الامر الذي يستدعي إجراءات احترازية شمولية خلال الأيام المقبلة للحد من انتشار الفيروس الذي قد يسلك طريقه كي يتحول إلى “وباء”.
يتطلب التعامل مع الفيروس وانتشارها شفافية مُطلقة، يصاحبها إجراءات صارمة لمواجهة الشائعات التي قد تضر بالشأن العام، ووضع حدود لمحتكري بعض الخدمات الطبية والصحية، الامر ليس سهلاً وقد يفلت الزمام .. فهل يفلح أولو الأمر في المواجهة؟.