غرقت عبارة السلام يوم الخميس 4 محرم 1427هـ الموافق 3 فبراير لعام 2006 في البحر الأحمر، وكانت تحمل على متنها ما يقرب من 1312 مسافرًا، بالإضافة طاقم السفينة المكون من 98 شخصًا من طاقم السفينة.
وكان الجميع يتخذ مكانه الطبيعي ويحتضن عائلته، ويحس براحة الدفىء للعودة إلى أرض الوطن، وآخر يحتضن حقيبته، واثنين على متن السفينة يقرأون القران، والمسحيين يقرأون الترانيم، والأطفال والشبان فرحين لعودتهم للوطن من جديد بعد غياب طال لسنوات.
وخلال ساعات تحطمت الأحلام على رؤوس أصحابها، وأصبحت العبارة أشبه بالحطام يسير على أمواج الظلام، واختفت الأصوات ولم يبقى إلا صوت أمواج البحر، والهدوء عم المكان والأمواج صوتها يشدت ويدفع العبارة بمن فيها إلى بطن البحر.
ألقى الركاب أحلامهم في حقائبهم، وصعدوا على متن العبارة التي حطمت أحلامهم للأبد، وتعالت أصوات الصراخ مع ألسنة النيران التي أحرقت الأحلام، أصبح ضوء النيران ينير السماء لم يتسطيعوا الفرار، ومن حاول منهم كان الموت حليفه.
تجردت «السلام 98» من العبارة التي احتضنت الركاب إلى جحيم دمر حياتهم وأحرقهم وأغرقهم، وبدل من أن تكون مأوى لهم جعلتهم في بطن البحر، وتحولت ذكراها إلى مأساة لم يتسطيع أحد أن ينساها.
مر على غرق العبار 16 عام من المأساة والحزن الذي يخيم على أهالي الغارقين، وعلاوة على ذلك اختفت العبارة على بعد أميال من مدينة الغردقة، وبينما هي طريقها للعودة من السعودية إلى مصر نشب حريق هائل في غرفة المحركات وانتشرت النيران بسرعة فائقة على متن العبارة واحرقت البعض واغرقت البعض.
وراح ضحية الحادث ما يقرب من 1032 راكبًا، بالإضافة إلى عشرات المفقودين الذين لم يلقو لهم أثرًا، ولكن الله تعالى كتب النجا لـ 388 راكبًا على العبارة، لكن لم يكتب لأحلامهم النجا، وذلك بغرق مقتنياتهم على متن السفينة.
كان الشاب أحمد محمد عليوة، ابن محافظة الاسكندرية، اشتاقه الفضول لمعرفة ما يجري على العبارة، فكان عادًا وأبنائه وزوجته بعد رحلة طالة لسنوات في السعودية وقال إنه يوجد هناك حريقًا على متن السفنية ويعمل طاقم السفينة لإطفائه، ليبادر الشاب بالمساعدة ويحاول اخماد الحريق مع طاقم المساعدة.
وعثر على الصندوق الأسود للعبارة، ويروى لحظات الرعب والخوف التي عاشها الركاب والموت يقترب منهم، على عمق 920 متر تحت سطح البحر وربان السفينة يتحدث مع قبطان خارجي ويصرخ لمحاولة ايجاد حل «المركب بتغرق يا قبطان.. شوفلنا أي حل»، ليرد بصوت تكسره قلة الحيلة “استحملو شوية وهدوا الناس”، قبل أن يفقد المتصل والمتلقي الأمل بعدما صرخ مساعد الربان “المركب غرقت خلاص يا قبطان”، معلنًا عن كارثة السلام 98.
وتصارع العبارة الموج، لكنه تغلب عليها وتلليت المياه بداخلها، وصراخ الركاب يرعب الأمواج لكن دون مجيب، الحناجر أصبحت تنزف دمًا من شدة الصوت، والمياه تصارعهم وترتفع حتى وصلت لأعلى مستواياتها، حتى مات الجميع.
وفي مايو الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارها برفض دفاع قدمته شركتان مقرهما جنوة بإيطاليا، مما يفيد بأن العبارة المصرية، إيطالية الصنع، السلام 98، لم تكن صالحة للإبحار، ذلك القرار الذي يمكن الناجين وأقارب الضحايا من أن يقدموا دعاوى للحصول على تعويضات.