يظهر كل شتاء ويداه وقدماه زرقاوان من البرد القارس، جالساً تحت المطر وفى الهواء البارد مستتراً بوشاحاً مختبئاً به، واضعاً رأسه فى الأرض لا ينظر يميناً ولا يساراً وأمامه مناديل يبيعها لا يتحدث مع أحد ويظل صامتاً منذ خروجه من المنزل وحتى يعود بعد العشاء دون طعام طوال اليوم جالساً تحت سماء البرد القارس والمطر الغزير.
يجلس الطفل عبدالرحمن والمشهور بمدينة دمنهور تحديداً، بمحافظة البحيرة، بطفل المطر، لأنه دائما جالساً تحت المطر وفى العام الماضى ظهر إعلاميا وتعاطف معه الشعب البحراوى بعد تداول صوراً له جالساً على أحد أرصفة دمنهور يبيبع الحلوى تحت المطر، وتوجه إليه فريق التدخل السريع بالبحيرة لتقديم المساعدة، واكتشفوا أن الطفل “عبدالرحمن” والذى كان عمره فى ذلك الوقت 9 سنوات، بأن ليس لديه شهادة ميلاد فلم تستخرج له منذ الولاده كما لم يلتحق بأى مدرسة، وتركه والداه مع جدته المريضة وسافرا للعمل بوابين بالقاهرة بعد تراكم الديون عليهما.
وبالفعل قام فريق التدخل السريع بمحافظة البحيرة، بالتواصل مع أهل الطفل عبدالرحمن وقاموا باستخراج شهادة الميلاد وتقديم ملفه للإلتحاق بإحدى المدارس فى القاهرة بجوار والداه، واستخراج معاش لجدته المريضة بالسكر وغيره من الأمراض، كما عرضوا على أهله بأن يأخذوا الطفل لإحدى دور الرعاية حتى يبلغ عمر الـ18 عام ولكنهم رفضوا.
وبعد مرور عام تكرر مشهد الطفل “عبدالرحمن” مره أخرى فى هذه الأيام وموجة الطقس السيئة، ما زال جالساً تحت المطر ولكن يبيبع المناديل هذه المرة بميدان الساعة داخل مدينة دمنهور، وتكرار جلوسه مره أخرى وعلى وجهه علامات من الحزن واليأس يثير التساؤلات والشكوك بأن هذا الطفل يتم استغلاله للتسول وهو مجبوراً على أمره والماره بالشوارع عندما يرونه يتعاطفون معه ويقتربوا منه ليعطونه مال.
واقتربت عدسة “أوان مصر” من الطفل عبدالرحمن والشهير “بطفل المطر” وطرحت عليه سؤالاً لماذا تجلس مرة أخرى بالشارع؟ ليرد بحزن قائلاً: علشان أعالج جدتى كفاية عليها التعب والمرض دا كله، والعيشه صعبه، وهى لا تستطيع الحركة جيداً فهى تعانى من السمنه والسكر، والعام الماى أتت بعض الجمعيات أعطونا الزيت والسكر وخلاص، أنا نزلت الشارع علشان جدتى مريضة ولا أذهب المدرسة إلا وقت الإمتحانات، وهنا يأتى التساؤل هل الطفل عبدالرحمن ضحية التسول، أم تركه والداه وهو لا يتحمل أن يرى جدته مريضه فنزل الشارع ليجلب لها المال والطعام؟.