أصعب اللحظات التي يعيشها الإنسان هي تلك اللحظات التي يكون فيها وحيدا بدون وجود أحدا من أهله بجواره.
هي لحظات مؤلمة خاصة على كبار السن الذين يعانون من الوحدة وعدم سؤال أحد عنهم.
فهم يعيشون أيامهم الأخيرة بين جدران صامتة يحدثون أنفسهم عن من سيجدهم إذا حدث لهم مكروه.
وماذا سيحدث لهم إذا مرضوا ولم يستطيعوا الاستغاثة بأحد؟!.
تلك اللحظات عاشها الشيخ عبدالله، مؤذن ومحفظ القرأن بمسجد الشهيد ثم مسجد الهادي بمنطقة السباعى بالمرج.
كان معنا يوم الجمعة قبل الماضية يصلي بمسجد السهيد وكان يظهر عليه علامات التعب الشديد.
وبعد الصلاة ذهب كعادة إلى بيته الذي يستأجره بالدور الأرضي بأحد العمارات بالمنطقة.
ذهب ونام ولم يستيقظ ثانية، مر يوم ثم الثاني ثم الثالث ولم يظهر وأيضا لم يسأل عليه أحد كالعادة.
جاء يوم الجمعة الماضية ولم يأت إلى الصلاة كعادته، ومر بعدها يوم ثم إثنين، وبالصدفة بدأ أهالي الطلبة الذين يحفظون القرأن على يده يسألون عليه.
ثم جاءوا وسألوا عليه وطرقوا الباب كثيرا ولكن لم يرد، ثم أتت أحد الجيران كان قد ترك عندها نسخة المفتاح.
فتح الباب وهبت رائحة كريهة من الشقة، فكانت المفاجأة الشيخ عبدالله قد مات وبدأ جسده في التحلل.
صرخ الناس وخرجوا مسرعين من الشقة، لعدم قدرتهم على التنفس من الرائحة الشديدة، فما أنتن رائحة الإنسان بعد وفاته.
لحظات صادمة عاشها سكان العقار والمنطقة لما حدث مع الشيخ عبدالله، إنها مؤلمة تلك الحياة التي ليس لها قيمة.
وبدأ الناس يتهامسون فيما بينهم حول ما حدث، وكيف يعيش الشخص وحيدا دون أهله وأولاده.. ولماذا حدث كل هذا في غفلة من الزمن؟!.
ما حدث مع الشيخ عبدالله، يدعوني أن أقول لكم أن الدنيا لا قيمة لها وتذكروا الفضل بينكم، وأن تجعلوا الحب هو السائد بينكم.
لا تنفروا بعضكم البعض، لا تتركوا أحد من أسرتكم وحيدا دون أن تسألوا عليه َتلبوا متطلباته خاصة إذا كان طاعنا في السن لا حول له ولا قوة.
صِلو رحمكم، ساعدوا الكبار بعائلتكم لا تتركونهم بدون سؤال، لا تجعلوهم يعتقدون أنهم غرباء مقطعون لا أهل لهم.
رحمة الله على الشيخ عبدالله وعلى أهالينا وأحبائنا الذين واريناهم التراب ويسكنون القبور.