كان يعيش جليسًا بمفرده، بعدما كان رجلًا، يسعى على قدميه، لتكون قصته الحزينة قصة مُبكية عنوانها خيانة الأهل، وطمعهم في ورثه وثروته، منذ ان سافر للخارج، وهو يدخر، حتى قرر العودة إلى بلاده، والاستثمار بها، ليبقى ما تبقى من عمره وسط أهله وأخوته، الذين كانوا أول من غدروا به، بعدما أذاقهم النعيم، فأذاقوه المرارة.
وفي رسالة ضربت بها معاني الإنسانية، ربما هي إسم على مسمى، وهي حقيقتها منذ تأسيسها وإنشائها، تفعل الخير دومًا، وتقدم يد العون والمساعدة، لمن جار عليه الزمن، بين المشردين في الشوارع، وبين التائهين في دروب الظروف، وبين هذا وذاك، تجد دائمًا، في معناها هي معًا لإنقاذ إنسان حقًا، والتي تتفاعل مع الحالات التي يتم الإبلاغ عنها، سواء أكان عن طريق الصدفة، او عن طريق اكتشافهم لها، وفي حالة إنقاذهم تلك، كان رجلًا قد تشرد بـ شوارع عروس البحر المتوسط، بعد ان كان العز يملئ حياته، جار عليه الزمن، فأصابه أمرًا عضال، كان سببًا لألقائه خارج أفراد أسرته وهم أخوته، الذين يجري في عروقهم دم واحد.
وفي التفاصيل فكان أحد الأشخاص، قد سافر إلى الخارج، وتزوج من امرأة أمريكية الجنسية، كون حياته ومستقبله، وبعد ان اشتعل الرأس شيبًا، قرر العودة إلى بلاده، وترك عش زوجيته، وفارقه أبنائه للعيش مع والدتهما الأمريكية، وأبوا ان يعودا معه إلى أصل بلاده، فعاد وحيدًا، واستقبله أهله واخوته بمزيد من الترحاب، كونه يمتلك نقودًا ، لا يستطيع أحدهم أن يحققها ولو طال عمره مهما طال.
وبعد ان مرت سنوات، عاش مستثمرًا في مصر، في أحد المجالات، وكون نشاطًا تجاريًا رابحًا، إلا ان حياته أنقلبت رأسها على عقب، وبحسب ما أفادت مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، فقد أكدت ، ان الرجل كان ميسور الحال، كان عنوانه العز، وطريقه التجارة الرابحة، ثم تعرض لحادث كان قادرًا على شل حركته، فلم يكن جزاء الإحسان إليه من إخوته إحسانًا، بل كان جفاءًا ، بعد ان كان سببًا في عيشهم في نعيم ، طردوه خارج المنزل ، وهو منزل العائلة الذي كان يشاركهم به، ثم وفي لحظات معدودات، وجد نفسه خارج بيته، مقيدًا لا يتحرك، وأقعدوه جليسًا على أحد أرصفة شوارع محافظة الإسكندرية، يمن عليه من عبر بـ لقمة يقتاتها، وآخر بصدقة عليه، ذلاك المسكين الذي ألمته الحياة مرتين، الأولى كانت بتخلي زوجته وابنائه عنه، وتركوه يعود لمصر وحيدًا، والثانية كانت أشد وأقوى عليه، حينما تجرد ذويه من إنسانيتهم، وألقوه خارج المنزل.
ثم بقي الرجل المسكين، بعد عزه في ذل وهوان، جليسًا على كرسي متحرك في شوارع الإسكندرية، وسط حرارة الشمس القارصة، وبين صقيع الليل الشديد، يتألم ذلك المسكين على حاله، إلى ان وصلت استغاثة لـ مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، وهما ما سارعوا على الفور، لينقلوه إلى محافظة القاهرة، ثم اجروا له عدد من الفحصات الطبية، والتي تبينت انه يعاني من مرضين عضال، أولهما ارتفاع ضغط الد، ذلك القاتل الصامت، وآخر مرض السكري، ووجد الرجل يعاني من جروح غائرة بجسدة، ملوثة ومتفرقة بالجسد ، كما لوحظ إنه يعاني من إضطرابات نفسية شديدة، لما وصل إليه الحال من عز إلى ذل.
فنقله على الفور فريق مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، بعد ان وجدوا أن الحالة يرثى لها، وقدموا له الدعم والمساعدة، والكشوفات الطبية، واحتفظوا به في دار المؤسسة بمحافظة القاهرة.