81 يوما وقت كتابة هذا المقال، والعدو بقواه العظمى الأمريكية والأوربية يستخدم الأسلحة المحرمة دوليا، ويطلق أكثر من 40000 ألف طلعة جوية، ويرمي أكثر من 57000 ألف طن متفجرات على مساحة محدودة آهلة بالسكان، ويرتكب جرائم حرب لم تعرفها البشرية من قبل، ويدمر غزة، ويشرد 90% من أهلها، ويمنع عنهم الماء والطعام والدواء في سابقة لم تشهدها الحروب من قبل، ويتعمد قتل الأطفال والنساء حتى بلغوا 75% من إجمالي الشهداء والجرحى.
ما يزيد عن 21000 ألف شهيدا و60000 ألف مصابا، و11 آلاف مفقودا تحت الأنقاض، والهيئات الدولية تقول أن هذه الأعداد المعلنة رسميا أقل بكثير من الحقيقة والواقع
العدو يتعمد اغتيال الروح المعنوية للمقاومة والعرب جميعا، ومع ذلك تصمد المقاومة، وتحقق نجاحات تستحق الدراسة والتدريس في الكليات والجيوش العسكرية العالمية.
فمن يستوعب أن هيبة جيش العدو قد سقطت! ومن يستوعب أن جماعة تسمي نفسها القسام تحارب القوى العظمى 81 يوما! ومن يستوعب أن التفاوض على الأسرى يتم الند للند بين جماعة ودولة تدعي أن جيشها لا تقهر !، ومن يستوعب أن هؤلاء الشباب يملون شروطهم على العدو الصهيوني والشيطان الأمريكي من وراه.
من يستوعب أن الرأي العام العالمي استفاق من غسيل المخ الذي قامت به الدعاية الإسرائيلية والصهيونية! وأصبحت صورة الإرهاب لصيقة باسرائيل وليست حماس، ومن يستوعب أن أحرار العالم في أوربا ينددون بمواقف بلدانهم في مساندة العدو أو الصمت على جرائمه! ومن يستوعب أن العدو فقد تعاطف بعض أبنائه وأنصاره هذه المرة داخل الكيان، والشيطان الأمريكي ذاته!
من يستوعب أن العالم كفر بالمنظمات الدولية وقضى على صورتها تماما واعتبرها أدوات في يد الطغاة والمجرمين، ومن يستوعب المصير الذي ينتظره بايدن ونتينياهو بسبب فشلهم في عدوانهم على المقاومة! ومن يستوعب أن هناك دولة في هذا العالم الواسع يمكن أن تقف في وجه اسرائيل، بينما فعلت ذلك مجموعة من الشباب يسمون أنفسهم القسام
ومن يستوعب أن جماعة أخرى اسمها الحوثي تستولي وتدمر كل السفن المتجهة إلى اسرائيل من باب المندب! ومن يستوعب أن أمريكا شكلت تحالفا عالميا لمواجهة الحوثي بمفرده!
ألا يدعونا هذا إلى إعادة النظر في الوهم العربي تجاه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين! ألا يدعونا هذا إلى إعادة النظر في الوهم العربي إزاء القوة الأمريكية! أمريكا بمفردها ضمت عشرات الدول الكبرى لحماية سفنها من مجرد جماعة!
والملاحظ هنا أن القسام مجرد جماعة وليست دولة، وأن الحوثي مجرد جماعة وليست دولة، وأن حزب الله جماعة وليست دولة، وكلها تفعل ما لم تستطع الجيوش العربية فعله، ولا يوجد مشترك بينها إلا العقيدة الإسلامية وذلك بغض النظر عن الاختلافات المذهبية بينها وحولها.
الإسلام فقط هو الذي حرك جماعاته للدفاع عن الظلم والإجرام والاستكبار والدمار في غزة، فهل هذا يدعونا إلى إعادة النظر في عقيدة الجيوش العربية، والعمل على زيادة تفعيل العقيدة الدينية فيها، وإحياء فريضة الجهاد في نفوسها، وجاهزية الدفاع عن الوطن وكرامته في أي اعتداء عليه، ومواجهة أي استهتار أو استفزاز يمارسه العدو أو غيره؟؟