كتبت-رنا تامر عادل
يحتفل الغرب بعيد الهلع (الهالوين) في 31 أكتوبر من كل عام، حيث يقوم العامة بتزيين المنازل والشوارع بأشكال مرعبة وساخرة. يتنكر الجميع في أزياء مخيفة وبالأخص الأطفال، الذين يدقون الأبواب طلبًا للحلوي و يقولون: خدعة أم حلوي؟ أما عن الشباب فيفضلون مشاهدة الأفلام الرعب التي تحبس الأنفاس. ولكن ما القصة وراء الاحتفال بهذا العيد؟
جاءت فكرة الاحتفال بالهالوين تقاليد سلتية قديمة. والسلت هي مجموعة الشعوب التي تنتمي إلى الفرع الغربي في مجموعة الشعوب الهندو-أوروبية، موطنها الأصلي أيرلندا واسكتلندا وجزيرة مان في شمال غرب أوروبا. كان لهذه الشعوب احتفالا يُسمى “سامهاين” في ليلة الـ31 من أكتوبر. تشهد هذه الليلة نهاية الصيف والحصاد، وبداية الشتاء البارد المظلم، وربطوا هذا الوقت من العام بموت الإنسان. اعتقد السلتيون أنه في هذه الليلة التي تسبق العام الجديد، تتلاشى الحدود بين عالم الأحياء والأموات، فتتجول أرواح الأموات في ملكوتها، وتحاول العودة إلى عالم الأحياء. فكان السلتيون يرتدون أزياء مخيفة تتكون عادة من رؤوس وجلود الحيوانات، و يوقدون مشعلة ضخمة ويلتزمون بمراقبة شديدة لهذه الأرواح الشريرة. ومن هنا في الواقع بدأت الفكرة بأن الساحرات و الأرواح تكون هنا وهناك في الهالوين.
بحلول عام 43م، احتلت الإمبراطورية الرومانية غالبية أراضي شعوب السلت، واندمجت الاحتفالات الرومانية مع الاحتفالات السلتية. فكان الرومان يحتفلون بعيد الـ”فيراليا” لتكريم أرواح الموتى الرومان، وعيد الـ”بومونا” لتكريم إلهة الوفرة والثمار في الأساطير الرومانية القديمة. رمز بومونا هو التفاحة، وربما يفسر دمج هذا الاحتفال في عيد السامهاين تقليد استخدام التفاح في الألعاب التي تُمارس اليوم في عيد الهالوين. ومن أشهر الألعاب لُعبة تسمى “التفاح يطفو”، ويمارسها المحتفلون بالعيد، حيث تنطوي على ملء حوض كبير بالماء، ثم وضع ثمار التفاح داخله، ثم يحاول اللاعبون اصطيادها بأسنانهم.
بحلول القرن التاسع، انتشر تأثير المسيحية في الأراضي السلتية، وحاولت الكنيسة استبدال الاحتفال السلتي بالموتى بعطلة دينية تسمح بها الكنيسة. فأصبح المسيحيون في الغرب يحتفلون حتي اليوم بعيد “جميع القدسيين” في 1 نوفمبر، وعيد “ذكرى الأموات” في 2 نوفمبرلإحياء ذكرى كل المؤمنين الراحلين. وكان يُطلق على الاحتفال بعيد جميع القديسين اسم All-hallows، ومن هنا جاءت كلمة هالوين – الاحتفال الذي يقام عشية عيد “جميع القديسين” في التقويم الغربي.
ويرتبط الهالوين في العديد من الثقافات بثمرة القرع أو اليقطين، ولعل أهم رموزه ما يسمى بـ”مصباح جاك”. تقول أسطورة إن شخصا كلتيا يدعى جاك كان كسولا لا يحب العمل، يسكر ويقطع الطريق، وكل هذا بسبب وسوسة الشيطان. وحين مات جاك لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكانا في جهنم، بل حكم عليه بالتشرد الأبدي، وحتى لا يهيم في الظلام أعطي قبسا من نار جهنم. في الاحتفالات اللاحقة بالهالوين التي تستوحي قصة جاك، استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأمريكيون بثمرة القرع. وهكذا نشأ مصباح القرع.
اقرأ ايضا: