كتب- محمود مظهر
تاريخ مصر ملئ بالحكايات التي تشعرنا بالفخر، والتي تدل علي أنها باقية مهما تغير الزمان، والحكام، وأن حبها فطرة موضوعة في قلوبنا، وأن جمالها لا ينبع فقط من أبطالها الذين طوروها معمارياً وثقافيا وأجتماعيا وأقتصاديا، وإنما ينبع من أهلها الذين ضربوا أروع الأمثال في البساطة والطيبة وحب الوطن.
ومن بين تلك الحكايات، كوبري قصر النيل، أو ما يعرف قديماً بكوبري الخديوي إسماعيل، وهو ذلك الكوبري الواصل بين ميدان التحرير والضفة الغربية للنيل بمنطقة الجزيرة، بمحافظة القاهره.
الخديوي إسماعيل وفكرة إنشاء كوبري قصر النيل
قبل إنشائه كان الناس يستخدمون المراكب الشراعية للتنقل بين ضفتي النيل، وفي محاولة من الخديوي إسماعيل لتطوير مصر، ولجعلها تباهي العالم بجمالها، فقد فكر في بناء ذلك الكوبري، مقلداً بذلك الدول الأوروبيه في طريقة الربط بين مدنها.
كانت فترة الخديوي إسماعيل، مليئة بتشييد المباني والكباري علي الطراز الحديث لذلك الوقت، تلك الفترة التي تحولت فيها القاهره الي قطعة من أوروبا، إذ شُيد فيها ما يقارب 426 كوبري منها 276 كوبري في الوجه البحري و150 في الوجه القبلي.
وأسند الخديوي مهمة أنشائه، الي الشركة الفرنسية فيف ليل، وبلغت تكلفة المشروع حوالي مليوني و750 ألف فرنك أو ما يعادل 108 ألف جنيه مصري في ذلك الوقت.
تاريخ إنشاء كوبري قصر النيل
بدأ إنشاء الكوبري في عام 1869 وتم الانتهاء منه في 1872 أي استغرق البناء حوالي ثلاث سنوات، إذ كان الافتتاح في 10 فبراير.
لم يكن تم إنشاء السد العالي في ذلك الوقت مما جعل إرتفاع جسم الكوبري عن سطح النيل حوالي 10 امتار حساباً للفيضان.
وكانت نتيجة الثلاث سنوات أن بلغ طول الكوبري 406 متر وعرضه 10 أمتار ونصف شاملة الأرصفة الجانبية التي بلغ عرضها مترين ونصف. وكان الكوبري مكوناً من 8 أجزاء منها جزء متحرك من ناحية ميدان الإسماعيلية طوله 64 متراً لعبور المراكب والسفن يتم فتحه يدوياً من خلال تروس علاوة على جزئين نهائيين بطول 46 متر و5 أجزاء متوسطة بلغ طول كل منها 50 متراً
كما وضعت دعائم الكوبري من الدبش المحاط بطبقة من الحجر الجيري الصلب كما تم تنفيذ الأساسات بطريقة الهواء المضغوط. وصممت فتحات الكوبري كي يمكنها حمل 40 طناً والسماح بعبور عربات متتابعة وزن كل منها 6 أطنان أو تحمل أوزان ضخمة موزعة على جسم الكوبري.
اختبار صلابة كوبري قصر النيل
أستخدمت الأسلحة الثقيلة لإختبار الكوبري، حيث مر من عليه طوبجية مدفعيه راكبه مكونه من 6 مدافع مع كامل ذخيرتها. تم المرور في البداية بالخطوة المعتادة ثم بالخطوة السريعة ثم مرور الطوبجية على قسمين وبالفعل تم التأكد من صلابة جسم الكوبري وصلاحيته للاستخدام، وتم ذلك بعد تشكيل لجنة من القادة من بينهم محمود باشا الفلكي رئيس ديوان الأشغال وبهجت باشا مفتش عموم قناطر وترع الوجه البحري وعلى باشا ابراهيم مهندس شوارع مصر لاختبار متانة جسم الكوبري.
يغطي تكاليف الصيانة في ذلك الوقت ضريبة فرضها الخيديوي إسماعيل علي المارة، فلم يكن المرور مجانياً كما يظن البعض، فقد نشرت الضريبة المفروضة في الجريدة الرسمية في يوم 27 فبراير من عام الإفتتاح، وبلغت الرسوم قرشان للجمل المحمل وقرش واحد للجمل الفارغ والخيول والبغال المحملة قرش و15 باره وكذلك الأبقار والجاموس (كانت قيمة الباره تقدر بربع المليم) وعربات الركوب قرشين للعربه المحملة وقرش للفارغة وعربات الكارو 3 قروش للمحمله وقرش واحد للفارغة والأغنام والماعز 10 بارات للرأس الواحدة.
اقرأ أيضاً: