شهدت السنوات الأخيرة تطوراً علمياً وتقنياً في شتى مناحي الحياة، ومن بين ما يشهده العالم من مستجدات التكنولوجيا هو ما يعرف بالشبكة المعلوماتية التي استحوذت على أغلب مجالات الحياة، فلا تكاد أن تخلو أي دار من موبايل أو جهاز حاسوب ، ولا تكاد تخلو أي مؤسسة أو بنك أو جهة حكومية من حاسب آلي يتولى الدور الأساسي والفعال في تسيير حركه العمل داخل هذه الجهة، لكن بالرغم من تلك المميزات التي تمدنا بها التكنولوجيا إلا أنه سلاح ذو حدين حيث، أنتشرت الجريمة الإلكترونية كالنار في الهشيم، حيث أصبحت أمرا مريرا يواجه الكثير، فهو بمثابة فخ يقع فيه العديد من الضحايا وتنزلق فيه الأقدام فهو سرداب مظلم ينتهك الخصوصية، فمستخدم تلك التقنيه بطريقة ضد القانون والإنسانية يستغل تلك الثغرة في تحقيق مكاسب غير مشروعة له، عن طريق التجسس فهي تشبه القرصنة.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور المستشار محمد جبريل إبراهيم، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، أن الجريمة الإلكترونية من الجرائم المستجدة التي تنتج عن الممارسات السيئة لثورة تقنية التكنولوجيا المعلوماتية والتي تختلف كثيراً عن الجريمة التقليديــة في طبيعتــها ومضمونــها ووسائلها و أدواتها، وحتى في خصوصية مرتكبها، مشيرا أن لهذا الأمر لاقت هذه الجريمة الاهتمام التشريعي والفقهي علي المستوي الدولي والداخلي ، لأجل التصدي لها من خلال إصدار التشريعات المناسبة ، وإجراء التعديلات على القوانين العامة و الخاصة ذات الصلة و أهمها قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجنائية .
وتابع نائب رئيس هيئة قضايا الدولة لقد كان حرص المشرع المصري في هذا المجال ملحوظاً بمواكبة المستجدات التي يعيشها العالم من خلال ثورة التكنولوجيا والمعلومات ، فتم إصدار التشريعات الحاكمة لذلك ومنها قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 ، والقانون رقم 15 لسنة 2004 بتنظيم التوقيع الإلكتروني ، ثم إصدار القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات .
وأضاف أن هذا الاهتمام جاء بعد ازدياد الجرائم الإلكترونية في ظل النظام القانوني العقابي والإجرائي المعمول به، مشيرا إلى أن انتشار هذه الحواسيب أدي إلى قيام ما يعرف بثورة المعلومات ودخول العالم إلى مرحلة جديدة من الحضارة تعتمد اعتمادا كبيراً على التكنولوجيا، وقد ساهم هذا التطور في انبعاث تجارة إلكترونيه عالمية، تتم فيها الصفقات المالية الضخمة .
وأوضح المستشار، أنه بالرغم من تواجد الإيجابيات في سهولة التعامل وكذا سرعة التعاقد، إلا أنه قد ظهرت بالتوازي معها أمور سلبية من بينها الجريمة الإلكترونية بكل أشكالها و صورها ، وكذلك الجرائم ذات التقنية العالية أو Cyber Crime، أو جرائم أصحاب الياقات البيضاء White Collar، فهي ظاهرة إجرامية مستجدة ، تدق لأجلها أجراس الخطر لتنبه المجتمعات بحجم المخاطر وهول الخسائر الناجمة عنها باعتبارها تستهدف الاعتداء على المعطيات والمعلومات بدلالتها التقنية الواسعة ، وكذلك القيم المجتمعية والثقافات ، فهي جريمة تقنية تنشأ في الخفاء يقترفها مجرمون من كافة الفئات ، صغار وكبار ، فقراء وأغنياء ، ولكنهم أذكياء يمتلكون أدوات المعرفة و التقنية .
وأستكمل أن خطورة الجرائم الإلكترونية تظهر في أنها تطال الحق في المعلومات وتمس الحياة الخاصة للأفراد وكذا تهدد الأمن و السيادة الوطنية وتشيع فقدان الثقة بالمخزون المعلوماتي ، وتهدد إبداع العقل البشري .
وأختتم قائلا إن إدراك ماهية جرائم الكمبيوتر والانترنت، واستظهار موضوعها وخصائصها و مخاطرها وحجم الخسائر الناجمة عنها وسمات مرتكبيها ودوافعهم يتخد أهمية استثنائية لسلامة التعامل مع هذه الظاهرة ونطاق مخاطرها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا الأمنية ، وعليه يكون تسليط الضوء عليها فرض واجب .